Connect with us

اخبار السودان

الفخاخ الصهيونية.. فوضى السودان بوابة التطويق لمصر وإعادة تشكيل المنطقة

نشرت

في


منذ أن اندلعت الحرب في السودان عام ٢٠٢٣، لم تعد الأحداث مجرد صراع داخلي، بل تحولت إلى حلقة متقدمة ضمن سلسلة المخططات الصهيونية الرامية إلى الإمعان في تمزيق العالم العربي. فالسودان اليوم لم يعد ساحةً لصراع إقليمي فحسب، بل أصبح يمثل رأس الرمح لمشروع تطويق مصر من بوابتها الجنوبية.

مصر، تلك القلعة التي ما تزال تقف عقبة في وجه المخططات الإسرائيلية، والتي أثارت حنق أمريكا وإسرائيل حين أظهرت في لحظة فارقة موقفًا حاسمًا برفضها خطة تهجير سكان قطاع غزة إلى سيناء، وأجهضت بذلك واحدًا من أخطر مشاريع الصهاينة في السنوات الأخيرة. لقد أصابتهم بالغضب، في وقت كان الرئيس ترمب واثقًا من أن مصر ستفعل ما يريدون، مُستندين إلى مواقفها السابقة بموجب اتفاقية السلام الموقعة في كامب ديفيد.

ولفهم أعمق للسياق، لا بد لنا من العودة إلى الجذور. فمنذ اتفاقية سايكس بيكو المشؤومة عام ١٩١٦، مرورًا بوعد بلفور الذي شرعن زرع الكيان الغاصب، ووصولًا إلى الربيع العربي الذي صبّ في مصلحة إسرائيل أكثر مما نفع شعوبه، ظل النمط واحدًا: تفتيت الوطن العربي، وزرع الفتن والخلافات بين حكامه، وتغذية الأوهام النفعية الضيقة على حساب الرؤية الجامعة.

لقد نجح الغرب في زرع كيان توسعي عدواني متعجرف داخل جسد الأمة العربية، سلّحه نوويًا خارج الرقابة الدولية، ثم أحاطه بسياج من الحماية الغربية، بينما واصل قادة العرب غفلتهم وصراعاتهم العبثية.

والسودان لم يكن بعيدًا عن هذا المخطط، بل صار نقطة ارتكاز جديدة له. فالفوضى التي أُطلقت داخله لم تكن مجرد نتيجة انهيار داخلي، بل كانت مقدّمة ضرورية لمخطط إقليمي أوسع.
قوات الدعم السريع، المدعومة إماراتيًا وبضوء أخضر إسرائيلي، سيطرت في عملية مدروسة على المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا وتشاد، بمشاركة مباشرة من قوات المشير خليفة حفتر.
هذه السيطرة العسكرية تمثل تهديدًا استراتيجيًا مباشرًا لمصر من الجهة الجنوبية الغربية. وهناك، في ذلك الركن القصي، وبعد إحكام قوات الدعم السريع سيطرتها، أطلت إسرائيل وأمريكا برأسيهما متنكرتين في قناع دقلو الغائب عن الساحة لعامين ونيف. أطلت وهما ترفعان كعادتهما “العصا والجزرة” بيد دقلو، الذي ظهر مغازلًا مصر على طريقة المافيا، وملوّحًا لها في ذات الوقت بعصًا أغلظ، حين أعلن تأسيس دولته الموازية في منطقة كاودا بالاشتراك مع عبد العزيز الحلو، المتمرد هناك في جبال النوبة، لمزيد من تعميق الفوضى والتهديد بتقسيم السودان.

في ذات الوقت، كانت إسرائيل تتحرك بهدوء في الخلفية وتمضي قدمًا في تعزيز وجودها حول منابع النيل. تعزز تحالفاتها في إثيوبيا وأوغندا وجنوب السودان، وتكتسب نفوذًا غير مسبوق على أهم شريان مائي في العالم، ذلك الشريان الذي يسقي السودان، ويقع موقع الروح من جسد الدولة المصرية.
يحدث هذا وسط صمت رسمي وتواطؤ من بعض القوى الإقليمية.

في ظل هذا التهديد المتصاعد، أفاقت مصر أخيرًا وبدأت تتمرد على ضغوط دولة الإمارات وتتحرك لحماية أمنها القومي. فبدأت تحركًا مستقلاً، باستضافة الرئيس عبد الفتاح السيسي لكل من المشير خليفة حفتر ثم الفريق عبد الفتاح البرهان بالتوالي في العلمين لمعالجة المشكلة بينهم.
لكن ما لبثت الولايات المتحدة أن دخلت على الخط، معلنة — على لسان مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب — عن استضافة مؤتمر رباعي يضم مصر، الإمارات، السعودية، وقطر، لمعالجة ملف الحرب في السودان.
ومن الواضح أن هذه المبادرة قد جاءت نتيجة مباشرة لتحركات القاهرة، التي طالبت بوقف الدعم الإماراتي غير المعلن لقوات الدعم السريع.
لكن الراجح في تقديرنا أن هذا المؤتمر لا يهدف في جوهره إلى وقف الحرب أو حل النزاع في السودان، بقدر ما يهدف لترميم الخلل ورأب الصدع داخل معسكر الحلفاء، بعد أن ظهرت التقاطعات في دعم أطراف النزاعات في المنطقة، واتضح أن بعضهم يدعم من يهدد حدود مصر الاستراتيجية.

وهنا تبرز مجددًا أهمية السودان في الخارطة الصهيونية.
فسقوطه في الفوضى ليس صدفة، وإنما تمهيدٌ لمرحلة أخطر — مرحلة يتم خلالها خنق مصر، وتسييل مجمل المنطقة، وإعادة ترسيمها على هواهم، كما صرح بذلك كل من نتنياهو والرئيس ترمب.
فبينما يتقدم الدعم السريع على الأرض، تحت حماية غير مباشرة، تتفاقم الفوضى الليبية غربًا، وتقف إسرائيل متحفزة شرقًا، وفي حالة استعداد دائم للتدخل المباشر إذا اقتضت الضرورة.
هذا جانب، إلا أن الجانب الأخطر من كل ذلك يبقى هو التهديد المائي: سد النهضة الإثيوبي، الممول إماراتيًا، والمُشيَّد بتقنيات أمريكية وإسرائيلية، بات أداة ضغط فعالة بيد خصوم مصر.
ومع السيطرة التدريجية على منابع النيل الأبيض أيضًا، تصبح المعادلة واضحة وضوح الشمس: من يملك الماء يملك القرار، ومن يقطع النيل عن المنطقة وعن مصر، يقطع عنها الحياة.

إن التحركات المصرية الأخيرة، وإن حملت بعض إشارات الصحوة، إلا أنها قد جاءت متأخرة وغير حاسمة. فالمشروع الصهيوني لا يتوقف، والأدوات التي يستخدمها اليوم لا تقتصر على إسرائيل وحدها، بل هناك شركاء إقليميون قد أصبحوا جزءًا مهمًا من منظومة الاختراق الناعم.
فإذا استمرت مصر في هذا الحذر السياسي، دون أن تعلن موقفًا حاسمًا، فإنها قد تجد نفسها في لحظة مفصلية محاصرة من الجنوب والغرب، ومخنوقة من الشرق، ويقتلها العطش.

الساعة تدق
فإما أن نرتقي بعقولنا ونتوحد، ثم نبدأ العمل لنستعيد السودان من براثن الفوضى ونقطع الطريق على أدوات التطويق،
وإما أن نبقى سادرين في غيِّنا، لا نرى أبعد من أنوفنا، وننتظر حتى يُكتب مصيرنا على طاولة خصومنا.

محمد الحسن محمد نور
٣ يوليو ٢٠٢٥



أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك لنا تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اخبار السودان

الخرطوم: دفن 90% من الجثث التي خلفتها الحرب بالعراء

نشرت

في


الخرطوم: السوداني

أعلنت الطب العدلي ولاية الخرطوم عن إزالة نحو 90% من الجثث التي خلفتها الحرب في العراء.
وأجازت وزارة الصحة ولاية الخرطوم الخطة العاجلة للحملة الكبرى لنبش ونقل الجثث على مستوى المحليات السبع بولاية الخرطوم لمنع وقوع أي آثار صحية أو بيئية وللمساهمة في العودة الطوعية تنفيذاً لتوجيهات والي ولاية الخرطوم أحمد عثمان حمزة، وناشدت المواطنين بالتبليغ الفوري عن أماكن تواجد الجثث والمقابر الجماعية بأي منطقة بولاية الخرطوم.

وانعقد اليوم بمقر وزارة الصحة ولاية الخرطوم والذي ترأسه د. أحمد البشير فضل الله مدير عام وزارة الصحة ولاية الخرطوم المناوب لمناقشة تفاصيل تنفيذ الخطة بواسطة هيئة الطب العدلي بالوزارة وبالتعاون مع الدفاع المدني وجمعية الهلال الأحمر السوداني والنظام الصحي بالمحليات، ووجه الاجتماع بتصنيف حالات نقل الجثث على أن يتم استهداف الجثث الموجودة في العراء وفي مجاري المياه والجثث المدفونة دفنا سطحيا والمقابر الجماعية كمرحلة أولية وعاجلة، على أن يتم دفنها في المقابر المخصصة لدفن الموتى ومن ثم في المرحلة اللاحقة يتم نقل الجثامين المدفونة دفنا شرعيا ولكنها دفنت اضطرارياَ في الميادين بالأحياء والمدارس والجوامع والمنازل.

كما أمّـن الاجتماع الذي تم بحضور دكتور هشام زين العابدين رئيس هيئة الطب العدلي ولاية الخرطوم وممثل والي ولاية الخرطوم الأستاذ محمود حسن، على أن يتم العمل بواسطة (5) فرق عمل وبحضور وكيل النيابة الأعلى بكل محلية لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وحدد الاجتماع رقم الهاتف (0123632205) لتبليغ عبر تطبيق الواتس عن تواجد أي جثة في العراء أو مدفونة على السطح بعد أن يحدد المتصل هويته ويحدد المكان.



أكمل القراءة

اخبار السودان

كامل إدريس يعيِّن (5) وزراء في حكومة الأمل.. والإعيسر يعود إلى الإعلام

نشرت

في


بورتسودان: السوداني

أصدر رئيس الوزراء د. كامل إدريس، اليوم، قراراً بتعيين خمسة وزراء جُـدد ضمن تشكيلة حكومة الأمل.
وتضمن القرار تعيين كل من:
*البروفيسور أحمد التجاني عبد الرحيم المنصوري وزيراً للثروة الحيوانية والسمكية.
*خالد إسماعيل أحمد علي الإعيسر وزيراً للثقافة والإعلام والسياحة.
*نور الدائم محمد أحمد طه وزيراً للمعادن.
*معتصم أحمد صالح آدم وزيراً للموارد البشرية والرعاية الاجتماعية.
*سيف النصر التجاني هارون جابر وزيراً للبنية التحتية والنقل.

وأكّـد رئيس الوزراء أنّ هذه التعيينات جاءت عقب دراسة دقيقة للكفاءات والخبرات الوطنية.
يُذكر أنّ عدد الوزراء الذين تم تعيينهم حتى الآن بلغ خمسة عشر وزيراً.



أكمل القراءة

اخبار السودان

من أين تبدأ حكومة كامل إدريس؟

نشرت

في


لم تُشكّل بعد حكومة كامل إدريس، ولكنها – إن تشكّلت – ستجد نفسها في مواجهة جدار عالٍ من التوقعات المتناقضة، وميدان ملغوم بميراث ثقيل من الأزمات والفوضى، ونافذة ضيقة للإنجاز الفعلي. لهذا، يصبح من الضروري منذ الآن التفكير بوضوح في شكل الأولويات لا في كمّها، وترتيب المهام لا تراكمها.
لم يكتمل بعد تشكيل حكومة الدكتور كامل إدريس، لكنّ قبل أن ترى النور، أرخت الظلال الكثيفة سدولها من الأزمات التي تخيّم على البلاد، وتُنبئ بأن هذه الحكومة ـ إن تمكنت من الصمود والوقوف على قدميها ـ فإنها لن تجد وقتًا كافيًا للتعريف بنفسها أو اختبار ردود الفعل. وستدخل مُباشرةً في سباق مرهق مع الوقت، مهددةً بالانهيار من كل اتجاه، ومطوّقة بطبقة سياسية منهكة، وأزمات مركبة تشبه الخنادق أكثر مما تشبه الملفات.

في هذا الوضع الملتهب والمتشظي، لا يصلح أن تبدأ الحكومة من سطح الأشياء أو تنشغل برفع المعنويات، أو الظهور الإعلامي. الأولوية الكبرى هنا هي منع السقوط الكامل، ولا مكان للتجميل. السودان لا يواجه “تحديات ما بعد الحرب”، بل يعيش الآن في قلبها، والخط الفاصل بين البقاء والفناء يذوب سريعًا.

ولهذا، فإنّ ترتيب الأولويات لا يكون ترفًا نظريًا، بل ضرورة وجودية، تبدأ من لحظة التشكيل، لا من بعد اكتمال الصفوف.

لا يجوز لحكومة يفترض أنّها انتقالية أن تُولد غامضة أو فضفاضة، ولا أن تخاطب شعبًا محاصرًا بالموت والأزمات والمجاعة دون أن تحدد له ـ منذ اليوم الأول ـ ما الذي جاءت لأجله، وإلى متى ستبقى. ثم ما هو طريقها لإنجاز مهامها.

لهذا، فإنّ أول ما ينبغي على حكومة الدكتور كامل إدريس فعله هو تقديم خطاب رسمي واضح يعلن فيه الأهداف الأساسية للحكومة، والفترة الزمنية المخصصة لإنجازها، بتواريخ محددة ودقيقة مع الالتزام التام بها أمام الشعب وجعلها غير قابلة للتأجيل.

فى تقديرنا أن أي حديث عن “المرحلة” أو “العبور” بمعناها الفضفاض، يكون حديثاً غير مناسب فى هذه المرحلة، ولا بد أن يحل محله برنامج زمني رصين مُعد بمهنية وبمهام محددة، ونقطة نهاية واضحة.

بعد ذلك مباشرةً، يُفترض أن تُعلن الحكومة برنامجًا شاملًا يُحدد الأولويات الاستراتيجية للفترة الانتقالية كلها، وآليات اتخاذ القرار، وخريطة التنفيذ، والأجسام الرقابية التي تضمن الشفافية والمُساءلة.

وأن تُكلّف كل وزارة، فور تعيينها، بتكوين (لجان متخصصة مستقلة) لكل ملف من ملفاتها، على أن تُنتقى هذه اللجان من كفاءات غير حزبية، قادرة على تشخيص الأزمة ووضع حلول عملية بعيدًا عن عقلية المكافآت والمحاصصة.

أما الأولويات الحرجة التي لا تحتمل تأخيرًا، فهما ملفان مترابطان:
عودة النازحين، ووقف الحرب، وإنهائها.

أولاً، عودة النازحين لا تتم بالنيات الحسنة، ولا بالتسرُّع غير المدروس، ولا بتركهم يزحفون إلى مدن منهارة مدمرة، ليواجهوا المجهول.
فما يحدث الآن هو عودة عشوائية خطيرة، تُهدد بخلق نزاعات اجتماعية وأمنية جديد فوق ركام الحرب.

يجب أن تتدخّل حكومة الدكتور كامل إدريس وتستبق ذلك بكل مسؤولية وتقوم – بصورة عاجلة، ورؤية واضحة– بتكوين لجان متخصصة في إعادة الإعمار، والتخطيط، والدعم النفسي، هذا من ناحية، ومن الناحية الأخرى تُركِّز على كيفية التمويل واستدعاء الدعم الدولي لإعادة الإعمار. ثم وتوجيه جهود لجان الأحياء ومبادرات المجتمع المدني، مع ضبط الأداء الحكومي وتحديد المسؤوليات، وإصدار القرارات مع سرعة الإنجاز وحُسن المتابعة.

ثانيًا، ملف وقف الحرب وإنهائها، ولهذا الملف محوران يسيران بالتوازي:
أولهما، إنهاء الحرب عبر التفاوض.
وثانيهما، معالجة جذور المشكلة داخلياً، لأن هذا المحور لا ينفصل عن قضية الحكم واقتسام السلطة والثروة.

ولمُعالجة هذا الملف الأكثر تعقيداً، ولتناوله بطريقة سلسة، فإنّنا نرى أن تبدأ الحكومة ـ فورًا ـ بإعلان السودان دولة فيدرالية، ومباشرة التطبيق العملي للحكم الفيدرالي، بمراجعة قوانينه وإقرارها، لا مجرد وعد بها.
ويكون ذلك عبر لجان متخصصة مستقلة تضم كفاءات سودانية مستقلة وخبرات أجنبية محايدة، تضع الخطط اللازمة لتقنين الوضع الفيدرالي، والجداول العملية لتنظيم انتخابات ولائية تبدأ بتعداد سكاني دقيق، وتنتهي بحكومات ولائية فعلية، تُنتدب منها لاحقًا 3 ممثلين عن كل ولاية لتشكيل المجلس التشريعي القومي في المركز.
هذا الطرح يخاطب جذور المشكلة، وينفي مزاعم التهميش وتحكم الولايات فى ثرواتها حسب القانون الفيدرالي ويؤدي بسلاسة إلى بناء الثقة وتحويل الجماعات المسلحة إلى الانخراط فى العمل السياسي وإلقاء السلاح، ومن ثم بناء جيش وطني موحد.

وفي المسار العسكري، لا يمكن أن تستمر الحرب إلى ما لا نهاية تحت ذريعة التفاوض مع المليشيا.
فالواقع ـ رغم تعقيداته ـ يؤكد حقيقة مركزية لا يجوز القفز فوقها:
الجيش السوداني، رغم كل ما يُثار حوله، يبقى هو المؤسسة الرسمية، ولا يجوز بأيِّ حال من الأحوال وضعه على طاولة تفاوض واحدة مع جماعة مسلحة تمردت عليه (مهما قيل من الحجج)، ولا يمكن مساواته بها من حيث المشروعية.
وفى تقديرنا أن الدعوات للتفاوض مع المليشيا تعني فى حقيقتها أن تقف الحرب لتبدأ من جديد، وهذا يعني ضمنًا استمرار الحرب إلى ما لا نهاية ما دامت المليشيا تحتفظ سلاحها وتتمتع بالدعم الخارجي.

لهذا، فإنّ الطريق الأكثر واقعيةً لوقف الحرب هو فتح قنوات التفاوض المباشر مع داعمي هذه المليشيا: الولايات المتحدة الأمريكية، ودولة الإمارات العربية المتحدة.
تُقدّم الحكومة عرضًا شجاعًا لتأمين مصالحهم المشروعة، وتشجيعهم على الاستثمار في السودان ما بعد الحرب، مقابل وقف دعم التمرد (والمساهمة فى تفكيكه) وضمان وحدة البلاد، وعدم المساس بسيادتها.

وحتى تكتمل المعادلة وبناء الثقة وتوحيد الجبهة الداخلية، لا بُـد من مخاطبة حزب المؤتمر الوطني مُباشرةً، دون التفاف أو شيطنة.
باعتباره رقماً فاعلاً في الساحة الاجتماعية والسياسية، لا يمكن شطبه أو تجاوزه.
تُدعوه الحكومة وتصل معه لاتفاق ملزم بعدم المنازعة خلال الفترة المحددة زمنيًا، وتؤكد في ذات الوقت عدم تمسُّكها بقرار حرمانه من العمل السياسي، عبر إصدار مرسوم من الحكومة يقضي بشرعية مزاولة الحزب لنشاطه السياسي، وأن المحاسبة ـ حين تحين ـ ستطال الأفراد الذين أفسدوا، لا الحزب كتنظيم.
ويُطلب من الحزب أن يسهم في تقديم الذين أفسدوا للعدالة طوعًا، حتى يُثبت جديته ويكسب شرعية أخلاقية جديدة.

ونحن إذ نتقدّم بهذه الرؤية من خلال هذا المقال الصحفي، فإنّنا نأمل أن تسهم في تثبيت أقدام الحكومة التي يجرى تشكيلها لتجاوز هذه البداية الحرجة.
وإذا كانت هذه هي نقطة البداية، فإنّ الطريق أمام الحكومة سيظل محفوفًا بتحديات أعقد، تتجاوز وقف الحرب إلى بناء السلام، وإصلاح الاقتصاد، وإعادة هيكلة الدولة ذاتها.
لكن ذلك حديثٌ آخر، نعود إليه لاحقًا، إن كُتب لهذه الحكومة أن تُصمد، وأن تبدأ من هنا.

محمد الحسن محمد نور



أكمل القراءة

ترنديج

Copyright © 2017 Sudan Hurra TV, powered by 0.