Connect with us

اخبار السودان

خوارزميات صعود التافهين وإدمان الضحالة

نشرت

في

أخبار | السودان الحرة

بقلم/ محمد الحسن محمد نور<لقد تحوّلت وسائل التواصل الاجتماعي إلى غرفة عمليات تُدار فيها عملية إعادة تشكيل الوعي البشري بالخفاء. نحن لسنا مستخدمين أحرارًا كما نظن، بل نحن ضحايا خوارزميات صُممت بعناية لتحويلنا إلى مدمنين ومستهلكين دائمين للمحتوى. هذا المقال لا يبحث فى موضوع إدانة المنصات بقدر ما هو ترياقٌ يقدم وصفة للنجاة من فخاخها وحبائلها.يكمن الضرر الأعمق في آليات هذه المنصات التي تُطلق عليها اسم "فقاعات التصفية" Filter Bubbles". أنت لست في حاجة للبحث عن الأخبار، فالخوارزمية هي التي تبحث عنك وتتعهدك حتى تغرقك بما "تحبه" وبما "تؤمن" به. وللإجابة على السؤال الأهم: لماذا تفعل ذلك؟ لأن الخوارزمية ليست مصممة لخدمة الحقيقة أو المجتمع، بل لخدمة نموذج العمل التجاري للمنصة. هدفها الأساسي هو الحفاظ على "تفاعل" عينيك وأصبعك لأطول فترة ممكنة كي تبقيك مستهلكًا دائمًا وتتمكن المنصة من عرض الإعلانات عليك. لذلك، هي لا تهتم بصحة المعلومة، بل بقدرتها على إثارة استجابتك العاطفية – سواء كانت غضبًا، حماسة، أو خوفًا. ولا ننسى أن عملية بناء هذا السجن تبدأ بملفات تعريف الارتباط (Cookies) التي تسجل كل تحركاتك الرقمية؛ هذه الملفات هي أداة جمع البيانات الرئيسية التي تُمكّن الخوارزمية من بناء ملفك الشخصي الدقيق، ومن ثم تحديد المحتوى الأكثر قدرةً على حبسك داخل هذه "الفقاعة".كل نقرة، كل مشاركة، وكل ثانية تقضيها على منشور، هي بمثابة صوت منك يقول للخوارزمية: "أريد المزيد من هذا!". هكذا، تصبح محبوسًا داخل سجن افتراضي من الآراء المكررة التي تؤكد تحيزاتك، وتغيب عنك وجهات النظر الأخرى أو الحقائق المعقدة، فينمو ويتشكّل في العقل الباطن الميلُ إلى الركون للأفكار المتوافقة، والإعراض عن كل ما هو مخالف لها. وفي هذه البيئة المعزولة، تزدهر الأخبار الكاذبة والمضللة، معتمدة على قوة الإثارة؛ فهي تنتشر بسرعة تفوق الحقيقة بعشرة أضعاف، لأنها تستهدف منطقة المشاعر لا منطقة المنطق في دماغك. هذه الآلية تغذّي الاستقطاب المجتمعي الحاد، فتجعلنا نصدق روايات تافهة لمجرد أنها توافق أهواءنا، ونرفض كل مصادر المعلومات الموثوقة فيما يشبه الحالة المرضية، إما لأنها لا تناسب اتجاه مفاهيمنا، أو لأنها تتطلب مجهودًا لفهم أغوارها.هذا التواطؤ الخوارزمي هو ما أدى إلى ظاهرة صعود التافهين والجهلاء ليصبحوا "نجومًا" و"مؤثرين". المنصات لا تكافئ الكفاءة أو العُمق المعرفي، بل تكافئ الجاذبية السطحية والاستجابة الفورية. ليس هذا فحسب، بل إن المكافآت النقدية والبرامج التمويلية التي تقدمها هذه المؤسسات للمؤثرين لزيادة الإنتاج تُصنَّف كعمل انتهازي للنظام؛ فهي تحفز صناع المُحتوى على عدم الاهتمام بالعمق والجودة والدقة في سبيل إنتاج محتوى ضحل سريع التداول يخدم الهدف التجاري للمنصة. المُحتوى الذي يتطلب تفكيرًا عميقًا أو وقتًا طويلاً للنقاش لا يجد له مكاناً في قائمة المكافآت الرقمية؛ وبالتالي يتراجع دور العلماء والمفكرين لصالح مقدمي مُحتوى سريع الاستهلاك. لقد أصبح النجاح هنا مرهونًا بمدى قدرة الشخص على تسطيح المعلومة إلى حد الإضحاك أو الاستفزاز، بل ويتجاوز الأمر ذلك ليطال المُحتوى الذي يعتمد على الإثارة الجسدية المباشرة والمضامين المخلة بالآداب (المواقع الإباحية) التي لا يقل ضررها الاجتماعي والنفسي عن ضرر الجرائم ضد الإنسانية. وهذا النوع من المُحتوى يحقق أعلى درجات التفاعل والوقت المستهلك، مغذيًا نموذج الإدمان الرقمي على حساب سلامة القيم والأخلاق وحتى الصحة الجسدية والنفسية. والنتيجة هي تدهور جماعي في مستوى النقاش العام، وضعف في مهاراتنا على التركيز الطويل، وتشكيل جيل يتخذ من السطحية قيمة عليا.ولكن النجاة ممكنة. فأنت الضحية، وأنت أيضًا صاحب القرار الأخير. الترياق يبدأ داخليًا؛ في اللحظة التي تدرك فيها أنك لست مُجبرًا على التفاعل. ابدأ بخطوات عملية: قلِّل من وقتك على المنصات باستخدام أدوات ضبط الوقت، وعطِّل الإشعارات غير الضرورية، واستخدم أدوات حظر الإعلانات لتفكيك جزء من نموذجها التجاري. ولكى تكسر الفقاعة، أبحث عن حسابات تقدم آراءً مُخالفةً لرأيك عمداً، واتبع مصادر إخبارية موثوقة بدلاً من الاعتماد على خلاصتك. الترياق الحقيقي هو "التفكير النقدي" الذي يجب أن يتحوّل إلى عادة يومية: أسأل نفسك دومًا، "ما هو مصدر هذه المعلومة؟" و"ماذا لو كانت كاذبة؟". تمهّل قليلًا في الحكم على المعلومات المعروضة أمامك، لا تسمح لمشاعرك بأن تكون بوابة العبور لكل ما تراه؛ توقف عن إعادة نشر أي شيء يُثير غضبك أو سخطك قبل أن تتحقق منه ثلاث مرات على الأقل عبر منصات التدقيق المعتمدة. على المستوى الأسري، يجب أن نتحوّل من حظر المنصات إلى تعليم الأبناء "التربية الإعلامية"؛ كيف يحللون المُحتوى، وكيف يفرّقون بين الإعلان والرأي والحقيقة، وذلك من خلال مناقشة ما يشاهدونه وإرشادهم إلى قنوات تعليمية موثوقة. أما اجتماعيًا، فالترياق هو دعم ومطالبة المؤسسات التعليمية والإعلامية بتعزيز برامج تدقيق الحقائق وإدخال "مادة التفكير النقدي والثقافة الإعلامية" كأولوية قصوى في مناهج التعليم، لتنشئة جيل قادر على تمييز الحقيقة من الوهم.استرداد الوعي ليس قرارًا سهلاً، ولكنه ضرورة تجاوزها هلاك. فليس أمامنا إلا أن نتحوّل من مُستهلكين سلبيين إلى مفكرين نقديين، لنتمكن من إنقاذ عقولنا ومجتمعنا من غرق المعرفة في بحر الوهم الرقمي.محمد الحسن محمد نور ١١ أكتوبر ٢٠٢٥

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك لنا تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اخبار السودان

الفحل: السودان بحاجة إلى القلعة روسية على البحر الأحمر

نشرت

في

أخبار | السودان الحرة

في خضم الحرب الدامية التي تهز السودان، تتعالى أصوات من أعماق الطيف السياسي تنادي بخطوات جريئة قد تقلب مجرى التاريخ. فقد وجّه خالد الفحل، أحد كبار قيادات الحزب الاتحادي الديمقراطي، رسالة مفتوحة إلى الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة السودانية.

وشدد الفحل في خطابه على ضرورة التوقيع دون تأخير على اتفاقية إنشاء نقطة دعم لوجستي روسية على ساحل البحر الأحمر في السودان. ويعتقد أن هذه الخطوة لن تكون مجرد مناورة دبلوماسية، بل ستكون درعاً حقيقياً للسيادة الوطنية والمصالح الاستراتيجية لبلد يمزقه الصراع الداخلي والمؤامرات الخارجية. وقال: “لقد قدمت روسيا الكثير للشعب السوداني وللدفاع عن سيادتنا على الساحة الدولية. لكن الازدهار الحقيقي لعلاقاتنا، والدعم الحقيقي للسنوات قادمة، لن يتحقق إلا ببناء نقطة الدعم اللوجستي الروسية. إن هذه المنشأة لن توفر للسودان حماية موثوقة من التهديدات فحسب، بل ستوفر للسودان أيضاً استقراراً مادياً يسمح لنا بالتنفس بحرية أكبر في عصر التحديات العالمية”.

ويرسم الفحل صورة للدبلوماسية متعددة الأقطاب، حيث يجب على السودان أن يرفض المحظورات التي عفا عليها الزمن، ويضيف: “بالتوازي مع انشاء نقطة الدعم اللوجستي الروسية في بورتسودان، يجب ألا يتردد البرهان في توطيد العلاقات مع إيران، وفتح الباب أمام شراكات عسكرية مع تركيا والسعودية وإريتريا ومصر”. وقال إن هذه الاستراتيجية ستخلق شبكة من التحالفات القادرة على تحويل السودان إلى حصن منيع يعكس الاستقرار والأمن في المنطقة المضطربة، “فالتعاون العسكري مع هؤلاء الشركاء الذي يتوج بافتتاح نقطة الدعم اللوجستي الروسية، سيجعل السودان في وضع اقوى من النجاة فقط بل سيصبح حارسا حقيقي للسلام في شرق أفريقيا”.

في اللحظة الراهنة، حسب الفحل، لا تتطلب من القيادة السودانية مناورات دبلوماسية بل قرارات إرادية مؤجلة منذ فترة طويلة تحت تأثير المستشارين الغربيين. ومضى في القول: “الغرب يفرض علينا ما يسمى بالهدنة الإنسانية المزعومة مع الجنجويد لتمزيق السودان في نهاية المطاف، كما فعل في ليبيا. لن يرضخ شعب السودان أبداً لمثل هذا السيناريو. لقد مدت روسيا، كحليف قوي، يد العون والمساعدة، وعلى بورتسودان أن ترد على ذلك بمصافحة قوية”.

أكمل القراءة

اخبار السودان

مكتب المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية يعرب عن فزعه من جرائم محتملة في الفاشر بشمال دارفور ويدعو لتقديم الأدلة

نشرت

في

أخبار | السودان الحرة

لاهاي – السوداني

أعرب مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية (ICC) عن فزعه الشديد وقلقه العميق إزاء الجرائم المزعوم ارتكابها في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور في السودان – من قبل ميليشيا الدعم السريع ضد مواطني الفاشر – والتي تشكل، حسب، انتهاكات محتملة لنظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة.

يذكر ان هذه الجرائم، تندرج تحت اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وشدد على أهمية جمع الأدلة لضمان محاسبة المسؤولين عنها. ودعا المكتب جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الشهود والمنظمات غير الحكومية والأفراد، إلى تقديم أي معلومات أو أدلة ذات صلة بالأحداث الجارية في الفاشر.

ويدعو المكتب لتقديم المعلومات والأدلة التي قد تتصل بأحداث الفاشر.

لإرسال المعلومات

https://otplink.icc-cpi.int

أكمل القراءة

اخبار السودان

حاتم السر يكتب: أحداث الفاشر رغم مأساويتها جمعت كلمة السودانيين ووحدتها

نشرت

في

أخبار | السودان الحرة

ما حدث في الفاشر كان جرحاً عميقاً في وجدان كل سوداني، لكنه في الوقت ذاته أعاد لنا المعنى الحقيقي للوطنية. فأحداث الفاشر، رغم مأساويتها، جمعت كلمة السودانيين ووحدتها بصورة لم نشهدها منذ سنوات طويلة؛ إذ تجاوزت القوى السياسية السودانية خلافاتها وأعلنت بصوت واحد أن لا صوت يعلو فوق صوت الوطن، وأن الجيش السوداني هو خط الدفاع الأخير عن سيادة السودان ووجوده.

السودان اليوم أمام حالة استنفار وطني شامل تتجاوز الأحزاب والانتماءات. والأهم أن قيادة الجيش السوداني تتعامل مع الموقف بعقلٍ  راجح وحكمةٍ عالية، ويحمد لها أنها اتخذت إجراءات ميدانية دقيقة لاستعادة التوازن، وستنجح قريباً بإذن الله في تحرير الفاشر وإعادة الأمور إلى نصابها. هذه المعركة ليست عسكرية فقط، بل وجدانية وسياسية أيضًا؛ معركة لاستعادة الدولة وهيبتها ووحدتها.

ما جرى في الفاشر فاجعة إنسانية بكل المقاييس، وصمت المجتمع الدولي عنها وصمة عار أخلاقية قبل أن يكون تقصيراً سياسياً.
لقد تَبيَّن للسودانيين جميعاً أن المجتمع الدولي يتعامل بازدواجية فاضحة في المعايير: تُستنفر القيم الإنسانية في أماكن، وتُكتم الأنفاس في أماكن أخرى. لكن السودان، رغم هذا الصمت، لن يُترك نهباً لمشاريع التقسيم، ولن يقف مكتوف الأيدي أمام جرائم الحرب والإبادة.
ورغم أن السودان يفضّل لغة الدبلوماسية لا الاتهام العلني، إلا أنه يحتفظ بحقه الكامل في ملاحقة المليشيات سياسياً أو عسكرياً أو إعلامياً.
والرهان على ضعف الدولة السودانية رهان خاسر، فالجيش باقٍ، والدولة قائمة، والشعب أكثر وعياً وصلابة من أي وقت مضى.

في أعقاب أحداث الفاشر المأساوية، سمعنا بنبأ وصول وفود من أمريكا وغيرها، أتوا إلى السودان ليستمعوا ويسألوا، وربما ليختبروا نبض الحكومة والشعب الملتف حول القيادة السودانية في لحظة دقيقة. ومن جانبنا، نرحّب بأي تواصل دولي إذا كان هدفه دعم الاستقرار وبناء السلام، لا فرض الوصاية أو الحلول الجاهزة.وقد قال الرئيس البرهان بوضوح، وأكّد رئيس الوزراء كامل إدريس الأمر ذاته: السودان منفتح على العالم، لكنه لا يقبل التدخل في شؤونه الداخلية.
نحن لسنا في خصومة مع أحد، ولكننا أيضًا لسنا في حاجة إلى وصاية من أحد الحكومة تملك رؤية واضحة للحلّ، وهي رؤية سودانية خالصة بُنيت على مبدأين: السيادة الوطنية، والحوار السوداني–السوداني. من يأتينا من الخارج باحترامٍ لهذا المبدأ، نمد له اليد؛ أما من يأتينا بشروطٍ تُقزّم الدولة أو تساوي بين الضحية والجاني، فلن يجد في السودان آذانًا صاغية.
ثار تساؤل مهم للغاية حول طريقة تعامل الحكومة السودانية مع تحالف (تأسيس) بعد أحداث الفاشر!! تحالف (تأسيس) ليس أكثر من محاولة يائسة لخلق واجهة سياسية لمليشيا عسكرية متمردة. لقد فشل هذا الكيان في الداخل، ولم يحظَ بأي اعتراف خارجي، وسقط قبل أن يولد لأنه بُني على فكرة الانقسام لا الوحدة. كان هدفه ابتزاز الدولة بالسياسة، وعندما لم ينجح في ذلك، لجأ إلى فرض واقع عسكري بالقوة.

راجت أخبار حول إلقاء القبض على سفاح الفاشر الشهير المدعو “أبولولو” بعد قيامه بتصفية العديد من المواطنين العُزل في مدينة الفاشر. وهذا لا يعدو كونه مجرد مسرحية تستهدف تبييض سُمعة المليشيا دولياً، وإظهارها بالحرص على سيادة القانون، وفات عليهم أن الآلاف من السودانيين الذين قُتلوا في المجاز الكبري، لا يُعقل أن تُغطّى مآسيهم بمجرد إشاعة خبر عن اعتقال قاتل واحد!! وهذا يدل على الخلط ونحن نعلم أن العدالة الحقيقية لا تتحقق بإلقاء قبض المتمردين على شخصٍ واحد، بل بتحرير الفاشر كاملة وحماية أهلها، وباستعادة القانون والنظام إلى كل شبرٍ من أرض السودان وانهاء التمرد ومحاسبته. ما نحتاجه الآن هو تحرك حكومي عاجل ومنسّق: تحرك ميداني لتحرير الأرض،
وتحرك سياسي لتوحيد الصف الوطني، وتحرك إعلامي ودبلوماسي لفضح المشروع المليشياوي أمام العالم.

في ظل هذه الظروف المعقدة التي تمر بها البلاد، فان السودان اليوم في لحظة امتحان وطني حقيقية؛ لحظة لا تحتمل المزايدات ولا الحسابات الصغيرة. أهل السودان أمام واجبٍ مزدوج: أن يصطفوا جميعًا وراء الجيش الوطني لحماية البلاد، وفي الوقت نفسه، أن نُعدّ لعملية سياسية وطنية راشدة تُعيد بناء الدولة على أساسٍ ديمقراطي.
الحرب يجب أن تنتهي بالسلام، والسلام يجب أن يُقود إلى انتخابات حرّة ونزيهة تُعيد للشعب حقه في اختيار من يحكمه. إننا نؤمن أنّ الاستشفاء الوطني يبدأ من الحوار السوداني السوداني، وأنّ الصمود الوجداني هو الذي سيبني السودان من تحت الرماد. فليكن شعارنا اليوم:
“نقاتل بالوعي، ونبني بالعقل، ونصون الوطن بالإخلاص”.

أكمل القراءة

ترنديج