أخبار | السودان الحرة
بورتسودان – السوداني
أمجد فريد الطيب (مواليد 6 أبريل 1985)، طبيب سوداني تحول إلى شخصية سياسية بارزة ومفكر سياسي مثير للجدل، اشتهر بدعوته الدؤوبة للديمقراطية والحكم المدني في السودان. “طلق” العمل الطبي ليتزوج من السياسة “زواجاً كاثوليكياً”، كما يُوصف، ليصبح أحد أبرز الأصوات المنادية بالعدالة الاجتماعية والإصلاح السياسي في بلاده. يُعرف أمجد بحدة نقده للقوى العسكرية والتدخلات الخارجية، ودوره القيادي في الحركات الشبابية والثورة السودانية (2018-2019)، مما جعله رمزاً للنشاط السياسي التقدمي.
النشأة والخلفية الأكاديمية
وُلد أمجد في أم درمان بالخرطوم، في أسرة ذات جذور عريقة في العلم والعمل العام. والده، فريد إدريس الطيب، خريج آداب – لغة فرنسية من جامعة الخرطوم، وأحد مؤسسي جهاز المخابرات الخارجية في عهد نميري، ثم دبلوماسي في وزارة الخارجية. والدته، صديقة المادح، مستشارة سابقة بديوان النائب العام وأستاذة القانون الدولي. جده لأمه، محمد أحمد المادح، من رواد الصناعة في السودان وصاحب مصانع معاصر الزيوت الشهيرة. عمه، د. كامل إدريس، هو رئيس الوزراء الحالي للسودان.
حصل أمجد على بكالوريوس الطب والجراحة (MBBS) من جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا عام 2006 بمنحة تفوق أكاديمي، ولاحقاً دبلوماً عليا في البحث العلمي والإحصاء الحيوي من الجامعة ذاتها. تلقى تدريباً متقدماً في الصحة العامة بمدرسة ليفربول للأمراض الوبائية، وعمل في مجال الصحة العامة ومكافحة الأوبئة، حيث قاد حملات توعية ضد أمراض مثل شلل الأطفال والكوليرا، ودعا لتعزيز الوعي الصحي خلال الكوارث الطبيعية والنزاعات.
المسيرة السياسية
بدأ أمجد نشاطه السياسي مبكراً، حيث انضم إلى الحزب الشيوعي السوداني خلال الدراسة الثانوية، وشغل منصب السكرتير السياسي لقطاع الأطباء في الخرطوم حتى استقالته عام 2016 ليصبح ناشطاً سياسياً مستقلاً، تعرض لاعتقالات أمنية متكررة خلال عهد عمر البشير (2013، 2015، 2018) بسبب مواقفه المناهضة للنظام.
في عام 2009، شارك في تأسيس حركة “قرفنا”، أولى الحركات الشبابية المناهضة لنظام الإنقاذ، وفي 2010 أسس “حركة التغيير الآن”، حيث كان متحدثاً باسمها، ممهداً الطريق للثورة السودانية. في 2013، أطلق مبادرة “نفير” التطوعية لمواجهة الفيضانات في الخرطوم، والتي جمعت أكثر من 12,000 متطوع، لتصبح نموذجاً للتنظيم المدني خارج إطار الدولة.
خلال ثورة ديسمبر 2018، كان أمجد عضوا قياديا في تجمع المهنيين السودانيين، وترأس لجنة العلاقات الخارجية في قوى الحرية والتغيير، وساهم في إسقاط نظام البشير. شغل منصب مساعد كبير مستشاري رئيس الوزراء عبد الله حمدوك (2019-2021)، ثم مستشاراً سياسياً لبعثة الأمم المتحدة (UNITAMS) عام 2021. حالياً، يشغل منصب الرئيس التنفيذي لمركز الفكرة للدراسات والتطوير في القاهرة، وزميل زائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، ويكتب في منصات عالمية مرموقة مثل Foreign Policy وThe Africa Report والمجلة السعودية.
مواقفه من الحرب الحالية
في سياق الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع (2023-2025)، يدعو أمجد إلى حل سلمي عادل ينهي الوجود المؤسسي للدعم السريع، ويطالب بإصلاحات هيكلية في المؤسسة العسكرية مع حماية المدنيين. ينتقد بشدة التدخلات الخارجية، خاصة دعم الإمارات للدعم السريع، ويرفض تقارب بعض القوى المدنية مع المليشيا، واصفاً إياها بـ”الفاشية” بسبب جرائمها وارتباطاتها الخارجية.
الرؤية والنقد
يتميز أمجد بنهج نقدي جذري يرفض المسلمات السياسية التقليدية، مثل فكرة “التوازن” بين أطراف الحرب. في كتاباته، مثل “رسالة مفتوحة إلى حلفاء قوات الدعم السريع” (The Africa Report، 2023)، يصف الدعم السريع بـ”ميليشيا فاشية” مرتكبة لجرائم حرب. كما انتقد في “وجه يهوذا الأوروبي” – دعم الاتحاد الأوروبي للمليشيا ضمن “عملية الخرطوم”. يرى أن الحرب نتيجة صراع شريكي انقلاب أكتوبر 2021، مع استقواء قوى مدنية بهما، مما أدى إلى محاولة الدعم السريع الانقلاب في أبريل 2023.
الجدل والانتقادات
يُعرف أمجد بحدة مواقفه وصلابته الفكرية، مما جعله مثيراً للجدل. يهاجم بضراوة رفاقه السابقين في قوى الحرية والتغيير (تقدم)، متهماً إياهم بالتواطؤ مع الإمارات وميليشيا الدعم السريع. في المقابل، ينتقده البعض لعدم تقبله النقد ورفضه التنازلات، مما يعزز صورته كسياسي صلب في مواقفه. يشبهه البعض بالراحل د. منصور خالد، في ارستقراطيته، وفي نقده رفاقه واقرانه الذين فارقوا درب نضاله، وفي إعادة تموضعه السياسي وفق مايراه.
أمجد فريد الطيب رمز للتحول من الطب إلى السياسة، حاملاً رؤية تقدمية يبحث فيها عن سودان ديمقراطي مدني، من خلال دوره في الثورة، الحركات الشبابية، وكتاباته النقدية، يظل صوتاً مؤثراً في الساحة السياسية، مدافعاً عن العدالة الاجتماعية ومناهضاً للاستبداد والتدخلات الخارجية، رغم الجدل الذي يثيره.
تتداول أحاديث المدينة في بورتسودان هذه الأيام، أن أمجد مرشح لمنصب رفيع، وللمفارقة أن الترشيح جاء من مجلس السيادة، وليس من مجلس الوزراء الذي يرأسه عمه كامل إدريس.
إن صحَّ الأمر، هل يقبل أمجد المنصب لتحقيق أفكاره، أم يرفضه ويظل باحثاً عن حلمه عبر مسارات أخرى؟