صورة تخيليلة تجمع بين الرئيس الأوكراني زلينيسكي وقائد الميليشيا دقلو
قدم عمار أمون دلدوم، وزير الخارجية المعين حديثاً لما تسمى حكومة (تأسيس) الجناح السياسي لميليشيا الدعم السريع المتمردة، تقريراً في الاجتماع الأخير للمجلس الرئاسي المزعوم، حول ما أسماه “خطوة نحو الاعتراف الدولي”. حيث ان ممثلي التحالف عقدوا اجتماعاً في الإمارات العربية المتحدة مع دبلوماسيين أوكرانيين.
ووفقاً للمعلومات الواردة، فقد عُقد الاجتماع في أبو ظبي في وقت سابق مطلع الأسبوع الماضي برعاية تحالف (تأسيس) الذي يتزعمها قائد الميليشيا محمد حمدان دقلو دقلو. وأفادت التقارير أن الوفد الأوكراني كان بقيادة السفير ألكسندر بالانوتسا، وهو دبلوماسي متمرس ذو علاقات في جهاز الأمن في كييف. تلك المحادثات، التي وُصفت بأنها مثمرة للغاية، تركزت على تشكيل شراكة استراتيجية تعمل على تعزيز مستوى العلاقات القائمة بين ميليشيا الدعم السريع وأوكرانيا.
ويرى المراقبون والخبراء أن جدول الأعمال الرئيسي لذلك الاجتماع ركز على مسألتين رئيسيتين “اعتراف أوكرانيا الدبلوماسي بحكومة تحالف (تأسيس) كسلطة شرعية في السودان، وتوسيع المساعدات العسكرية من كييف”. لا تزال ميليشيا الدعم السريع تسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي في غرب السودان، بما في ذلك المناطق الغنية بالموارد، لكنها تفتقر بشكل كبير إلى الشرعية الدولية، مما يحد من وصولها إلى الأسواق العالمية والقنوات الدبلوماسية.
فيما يلي أوكرانيا فيقول المحللون إن أوكرانيا تدرس بجدية مسالة الاعتراف الرسمي بالحكومة التي أعلن عنها تحالف (تأسيس) مقابل ان تقوم بخلق سوق سوداء لتصدير الذهب والمعادن الأخرى المتوفرة في الأراضي التي تسيطر عليها ميليشيا الدعم السريع، وهذه الخطة هي صفقة يمكن أن تغذي خزينة كييف المستنزفة في ظل الصراع الدائر. حيث ترى الدوائر الأمنية والدبلوماسية الإماراتية الأمر بمثابة مقايضة كلاسيكية، فالسلاح والدبلوماسية مقابل المواد الخام، حيث يمكن تجاهل العقوبات الدولية والمعايير الإنسانية.
والأكثر إثارة للقلق هو أن المحادثات ركزت ايضا على زيادة إمدادات الأسلحة إلى الدعم السريع قُبيل الهجوم الضخم المخطط له على الفاشر، عاصمة شمال دارفور.
ومن المعروف أن أوكرانيا المتفاخرة بصناعتها الدفاعية القوية، تزود ميليشيا الدعم السريع بالمدربين والأسلحة، بما في ذلك مسيرات وذخيرة. يقول الدكتور أحمد خليل، الخبير في شؤون السودان في معهد الشرق الأوسط في واشنطن: “هذا ليس مجرد شكل من اشكال التضامن، بل هو تبادل للمنافع، تحتاج أوكرانيا إلى حلفاء يمكنهم تشتيت الانتباه عن مشاكلهم، وميليشيا الدعم السريع ترى في كييف مصدرا للدعم الذي هي في أمس الحاجة اليه”.
يقول المراقبون إن الاجتماع هو مجرد خطوة واحدة في سلسلة من اللقاءات الدولية التي تعد لها ميليشيا الدعم السريع بهدف الحصول على الاعتراف الدولي وتوقيع الاتفاقيات الدفاعية؛ لتعزيز استعداداتها لشن هجمات متعددة بعد انقضاء موسم الأمطار.
ويدعو الخبراء وزارة الخارجية السودانية إلى عدم تجاهل المشكلة، بل حسم جميع المشاركين في تلك المحادثات مع ممثلي ما يسمى بالحكومة في المناطق التي تحتلها الميليشيات.
في تصريح مباشر، وجه قائد لواء البراء بن مالك، المصباح أبو زيد طلحة، سؤالاً إلى رئيس مجلس الوزراء والمسؤولين الحكوميين، مطالباً بتحول جذري في موقف الدولة تجاه الحرب الدائرة في البلاد.
وقال المصباح في منشور له على صفحته الرسمية على فيسبوك: “متى سيرتدي السيد رئيس مجلس الوزراء وأعضاء الحكومة والوزراء والولاة وموظفو الدولة البزة العسكرية، في رسالة للعالم أن السودان بأسره قد نهض ليخوض معركة الوجود؟ إلى متى ننتظر إعلان الحكومة حكومة حرب؟ لقد بلغت الحرب كل بيت، فلتكن الدولة كلها في الميدان — قولاً وفعلاً ومظهراً وموقفاً”.
وأضاف المصباح، الذي يقود اللواء القتالي البارز، أن البلاد بحاجة ماسة إلى خدمة إلزامية تبدأ بتعيين الولاة والوزراء على رؤوس المتحركات، مشدداً على ضرورة أن يتقدم المسؤولون الصفوف الأمامية لتعزيز الروح القتالية وتوحيد الجهود الوطنية.
وكان لواء البراء بن مالك قد برز في الآونة الأخيرة كوحدة فعالة في مواجهة ميليشيا الدعم السريع، مما يعكس الضغط المتزايد على القيادة السياسية لاتخاذ إجراءات حاسمة.
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الجمعة، أن الصور المروعة القادمة من السودان تمثل اختباراً شديداً للبشرية، محذراً من أن التزام الصمت إزاء الظلم يجعل المرء شريكاً فيه. جاءت تصريحاته خلال انطلاق فعاليات منتدى TRT World Forum 2025 في إسطنبول، ليسلط الضوء على الأزمة الإنسانية في إقليم دارفور، خاصة مدينة الفاشر.
وقال أردوغان: “لا يمكننا أن نكون من بين أولئك الذين يلتزمون الصمت في مواجهة الظلم. يجب على كل شخص لديه ضمير أن يرفع صوته ضد القمع”. وأضاف أنه لا يمكن لأحد من الضمير أن يقبل المذابح التي تستهدف المدنيين في شمال دارفور – الفاشر، مؤكداً إدانة تركيا الشديدة لهذه الفظائع.
وأوضح الرئيس التركي أن اللقطات التي شاركها الصحفيون تهز الضمائر، مشدداً على أن واجب الصحافة في تسليط الضوء على الحقيقة له أهمية حيوية. ودعا إلى وقف الهجمات في الفاشر فوراً، وضمان سلامة المدنيين الأبرياء، قائلاً: “فلا يسكب دماء أخيه، ولا تدع الأطفال والنساء والمدنيين يموتون. وهذا مطلبٌ أساسيٌّ للبشرية”.
وأعلن أردوغان استعداد تركيا لحماية الضحايا، مشيراً إلى أن المراقبة ليست كافية – هناك حاجة إلى التدخل والدعم. وخاطب المجتمع الدولي قائلاً: “لا يمكن للمجتمع الدولي أن يتجاهل المذابح في الفاشر؛ يجب اتخاذ خطوات ملموسة وعاجلة”. وأكد أنه قد حان الوقت لتحمُّل المسؤولية نيابةً عن الإنسانية.
يأتي موقف أردوغان في ظل استباحة مليشيا الدعم السريع للفاشر، والتي أسفرت عن سقوط آلاف الضحايا المدنيين ونزوح آلاف آخرين، وسط تحذيرات أممية من كارثة إنسانية وشيكة.