Connect with us

اخبار السودان

حكومة الأمل.. هل يتسرب من بين يديها الأمل؟

نشرت

في

حكومة الأمل.. هل يتسرب من بين يديها الأمل؟


في مقالنا السابق، بعنوان «من أين تبدأ حكومة كامل إدريس؟»، رسمنا ملامح البداية المنطقية التي لا نرى بديلاً عنها، والتي كنا نأمل أن تتبناها الحكومة الجديدة. كبداية حقيقية تنطلق من خطاب يحدد عمر هذه الحكومة بوضوح، ويضع أهداف المرحلة في جداول زمنية محددة، مصحوبة ببرنامج تفصيلي مُعلن، ثم تكليف كل وزارة بوضع خطة عمل مربوطة بآليات للتنفيذ والمتابعة والمساءلة. تلك كانت مرتكزات البداية الصحيحة: أن تكون الحكومة أداة مؤسسية فاعلة، لا مجرد سلطة فوقية تصدر التوجيهات المرتجلة وتعتمد على دق طبول الحماسة، التي سرعان ما تصطدم بواقع أليم وتتحول إلى فشل وإحباط.. وربما أسوأ من ذلك.

لكن، للأسف، جاءت البداية على غير ذلك، (وكأننا يا بدر لا رحنا ولا جينا). فقد اتجه الدكتور كامل إدريس إلى ممارسة سلطته كفرد، متجاوزًا ما وعد به من مسار تشاركي ومؤسسي. وبدلاً من التركيز والانضباط، بدأنا نُفاجأ بتوجيهات فردية متفرقة، متزامنة مع الفوضى المصاحبة لملف العودة الطوعية.
الكل يدرك أن هناك الكثير من الملفات خدمية العاجلة، كتحديد موعد بدء العام الدراسي، أو تمديد التقديم للجامعات، أو إطلاق حملات الخريف، الا أن التوجهات التى تصدر من رئيس الوزراء وحده وهو من يدير كل تفصيلة بمفرده، متجاهلاً الوزارات المختصة التي كونها، انما هي إشارات مقلقة تشير إلى عودة نمط الدولة الفردية التي ظننا أننا تجاوزناها، وهي ذاتها التي ظللنا ننتقدها لعقود طويلة.
لم يكن ذلك مجرد تضييع لوقت ثمين فحسب، بل هو مؤشر على غياب الرؤية الكلية، أو تجاهلها، وتفريط فادح في ترتيب الأولويات الوطنية، وأهمها إعلان أهداف المرحلة، وتنظيم خُطة مدروسة لعودة النازحين قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة، مصحوبة ببرنامج إغاثة واستقرار.
كان من الأوجب أن تبدأ الحكومة في معالجة جذور الأزمة بإرساء دعائم الفيدرالية، وتدشين خطاب سياسي جديد، يخاطب جذور المشاكل ويعبِّد الطريق نحو بناء الثقة وتوحيد الجبهة الداخلية، وهي الشرط الأساسي والأول لأي تفاوض متكافئ مع الخارج.
وبينما تواصل حكومة الدكتور إدريس إطلاق الوعود وتوجيه الخطابات المتكررة، واستدرار الدعم الشعبي بالأساليب القديمة التي فقدت فاعليتها، وبينما يستمر التباطؤ في تشكيل البنية المؤسسية وتفعيل مفاصل الدولة، يحدث حولنا ما هو أخطر، بل ما هو مصيري: فقد أعلنت واشنطن عن اجتماع رباعي يضم الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر، لمناقشة الوضع السوداني والبتّ في مساره. يحدث ذلك تجاهل تام لحكومة السودان. وكأن السودان قد فَقدَ حقّه في السيادة على قراره وأرضه ومصيره.
إن التمهيد ومسرحيات العقوبات الأمريكية، والبيانات المتعددة التي صدرت عن واشنطن، كلها تصبّ في اتجاه فرض تسوية (دولية) تُعيد إنتاج المعادلة المختلة التي تضع المليشيا على قدم المساواة مع القوات المسلحة، وتتعامل مع الأزمة بمنطق الوصاية، وكأنّ الخراب قدرٌ مقدرٌ لا خيارٌ لنا في تجاوزه، مما يجعل من بلادنا وثرواتها احتياطياً لغيرها.

تجاهل هذا التهديد والانشغال بالتوجيهات الإدارية الجزئية لا يعني فقط قصر النظر، بل قد يكون انتحارًا سياديًا وسياسيًا. فالحكومة إن لم تتحرك اليوم، بإعلان أهدافها العاجلة، وتدشين خطة وطنية جامعة تبدأ بترميم الجبهة الداخلية، وتفعيل كل أدوات الدولة وعلى رأسها وزارة الخارجية (التي لم تبدأ عملها بعد)، فإنّ واشنطن ــ المتأهبة دائمًا ــ لن تنتظر أحدًا، ولن تميّز بين زيد وعمرو، فهي لا تهتم بغير اغتنام الأرض وثرواتها.

لم يعد مقبولاً أن نظل متفرجين على تقرير مصيرنا في غرف مغلقة لا تمثلنا. ولم يعد مقبولاً أن تتمخّض حكومة الأمل فتلد فأراً وتغدو مجرد امتداد إداري لحكومات سابقة، فيما تقف البلاد عند مفترق طرق لا يحتمل التأخير. السودان يُعاد تشكيله الآن.. إما بنا، أو بدوننا.

ومن هنا، فإنّ أول خطوة على طريق النجاة، هي أن يعود الدكتور كامل إدريس إلى ما وعد به: حكومة مؤسسات، واضحة البرنامج، مُعلنة الأهداف، محكومة بالتخطيط والتنفيذ، تُبنى بها شرعية داخلية تُجبر الخارج على احترام السيادة.. لا حكومة فردية تصدر التوجيهات الفوقية التي لا تُنتج غير الفشل، وتورد البلاد موارد الهلاك.



أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك لنا تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اخبار السودان

شملت فقدان حق إدارة المجال الجوي لجنوب السودان وتعديل نسب رسوم العبور.. تقرير استقصائي لـ(السوداني) يكشف مخالفات خطيرة للمدير السابق للطيران المدني

نشرت

في

أخبار | السودان الحرة

السوداني – خاص

أكدت وثائق رسمية حصلت عليها صحيفة (السوداني)، شملت تقارير من ديوان المراجع العام ولجنة تحقيق مشكلة بمجلس الوزراء بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 135 لسنة 2024 ومستندات أخرى، في تحقيق استقصائي حول أوضاع هيئة الطيران المدني السودانية.

أظهرت الوثائق، وجود مخالفات كبيرة وخطيرة ارتكبها المدير العام السابق للهيئة، حسين نايل، منها توقيع اتفاقات بصورة منفردة ودون موافقات من مجلس الوزراء ووزارتي المالية والعدل مع دولة جنوب السودان، مما أدى – بحسب خلاصة لجنة التحقيق الوزارية – إلى فقدان السودان حق منح أذونات العبور للطائرات فوق جنوب السودان، علماً بأن هذا الحق كان يتم بواسطة سلطة الطيران المدني السودانية بعد موافقة الجهات الأمنية والعسكرية، الأمر الذي سمح للطائرات المسلحة بالعبور إلى تشاد دون إذن السودان لمدة عامين سابقين.

أكدت لجنة التحقيق وتقرير المراجع القومي، حسب التقرير الاستقصائي الذي ستنشره (السوداني) لاحقاً، أن المدير العام السابق لسلطة الطيران المدني، الذي يواجه إجراءات قانونية بناءً على ذلك التحقيق، أبرم اتفاقات لتعديل نسب عائدات رسوم العبور الجوي.
وبحسب ما حصلت عليه (السوداني)، تورط المدير العام السابق في إجراءات تقضي بخصم مبلغ مئة ألف دولار شهرياً من إيرادات السودان المحصلة عبر شركة مقرها دولة الإمارات العربية المتحدة دون إجراء صحيح أو موافقات رسمية من وزارة المالية، رغم أن هذه المبالغ ضمن رسوم العبور المستحقة للسودان.
كما شملت المخالفات جوانب مالية تتعلق بتراخيص شركات طيران وطيارين دون توريد العوائد لخزينة الهيئة، وهو ما أثبته تقرير المراجع العام الذي أوصى بإحالة الملف إلى النائب العام.

أكمل القراءة

اخبار السودان

بموجب مرسوم وقّعه رئيس الوزراء..سحب جنسية رئيس سابق – السودان الحرة

نشرت

في

أخبار | السودان الحرة

الخرطوم: السودان الحرة

وفق ما أشارت التقارير.

أصدرت السلطات في مدغشقر، قرارًا قضى بسحب جنسية الرئيس السابق أندري راجولينا.

وأفادت تعميم صادر، أنّ الخطوة تجئ بموجب مرسوم وقّعه رئيس الوزراء الجديد هيرينتسالاما راجاوناريفيلو.

وأشارت إلى أنّ المرسوم استند على امتلاك راجولينا الجنسية الفرنسية منذ 2014.

أكمل القراءة

اخبار السودان

ناقشته الرباعية.. هدنة إنسانية عاجلة ووقف دائم لإطلاق النار بالسودان

نشرت

في

أخبار | السودان الحرة

واشنطن ـ السوداني

قال مُسعد بولس كبير مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، إنّ ممثلي الرباعية ناقشوا خلال اجتماع لهم بواشنطن، سبل التوصل لهدنة إنسانية عاجلة وتحقيق وقف دائم لإطلاق النار بالسودان.

ونوه إلى أن الاجتماع ناقش وقف التدخل الخارجي ودفع عجلة الانتقال إلى حكم مدني في السودان.

واضاف بولس أن قادة الرباعية، اتفقوا على إنشاء لجنة مشتركة لتعزيز التنسيق بشأن الأولويات العاجلة في السودان.

وتضم اللجنة الرباعية، ممثلين لكل من الولايات المتحدة ومصر والسعودية والإمارات.

ويأتي هذا الاجتماع مع اجتماع مُوازٍ بين الحكومة السودانية بقيادة وزير الخارجية محيي الدين سالم والإدارة الأمريكية.

أكمل القراءة

ترنديج