Connect with us

اخبار السودان

غينيا نار تحت الرماد – السودان الحرة

نشرت

في


ثمة بلدان لا ترد أسماؤها إلا عابراً، حين تندلع أزمة أو يقع انقلاب. تظهر في شريط الأخبار ليوم أو اثنين، ثم تختفي، كأن شيئاً لم يكن. من بين هذه البلدان، غينيا، أو «غينيا كوناكري»، كما يسميها البعض؛ لتمييزها عن الغينيات الأخرى في القارة.

عدتُ إلى هذا البلد المنسي، الذي يملك في جباله أحد أكبر مناجم الحديد غير المستغلة في العالم. مشروع «سيماندو»، الذي تتصارع عليه كبريات الشركات المتعددة الجنسية، لا يزال حبيس المخططات والدراسات والصراعات الخفية، بانتظار من يملك الإرادة والقدرة على تحويل الثروات إلى مستقبل.

وجدت غينيا تتحرك بتؤدة نحو التغيير. لا تزال في قبضة العسكر، نعم، لكن شيئاً ما يتحرك. الضباط الذين أمسكوا بزمام الحكم منذ الانقلاب على ألفا كوندي لا يريدون المغادرة، لكنهم ليسوا في مأمن من الضغوط الدولية والعقوبات التي فرضتها المنظمات الإقليمية والدولية. هم يتصرفون كمن يريد أن يحكم إلى ما لا نهاية، وفي الوقت ذاته يتبرمون من عزلتهم.

خلال أسبوع واحد فقط، ألغت الحكومة العسكرية ما يزيد على مائتي ترخيص للتنقيب عن الذهب والبوكسيت والمعادن النادرة، في محاولة – يُقال – لإعادة تنظيم القطاع، أو ربما لإعادة توزيع الحصص والنفوذ. ورغم الضجيج حول هذه الإجراءات، فإن الزائر لا يمكنه تجاهل ما يراه من تغير ملموس. كوناكري القديمة، التي كانت تغرق في مياه المجاري المفتوحة، بدأت تتبدّل ملامحها. شُقت طرق جديدة، ونُصبت أبنية حديثة، وشيئاً فشيئاً، يتحوّل قلب العاصمة إلى ضاحية جديدة يُتوقع أن تصبح مركزاً اقتصادياً وحيوياً في السنوات القادمة.

لكن ما يربك الزائر، ويوقظ أسئلته، هو حضور الجنرال مامادي دومبويا، الحاكم العسكري، في كل مكان. صوره الكبيرة ترافقك من لحظة وصولك إلى المطار حتى أطراف الضواحي. صورة الجنرال بالقبعة الحمراء، والنظارات الشمسية، والزي العسكري، تملأ الجدران والنشرات والإعلانات، كأنها تقول إن السلطة هنا تتجسد في شخص واحد، لا في مؤسسات.

اختفت مظاهر المعارضة التي كانت حاضرة في السنوات الأولى من حكمه. لم تعد المسيرات تنزل إلى الشوارع، ولا الوجوه الغاضبة تظهر في الصحف أو على الشاشات. وكأن الناس سلّموا بأن الرجل باقٍ، شأنه شأن آخرين في غرب أفريقيا استعادوا الحكم بالقوة، ثم أغلقوا الباب أمام فكرة التناوب والتداول السلمي.

غينيا دولة في مفترق طرق. تحكمها ثكنة لكنها تتطلع إلى شيء أبعد. لا صوت يُسمع، لكن تحت السطح، تنمو حياة جديدة. السؤال فقط: إلى أين ستقودها هذه الحياة؟ وهل تمنحها السلطة القائمة ما تحتاج من هواء؟

فما بين الانغلاق العسكري والميل البطيء نحو إعادة تشكيل الفضاء المدني، تبرز معضلة حقيقية: كيف يمكن لبلد يملك كل عناصر النهوض – من ثروات باطنية هائلة إلى مجتمع شاب متعطش للتغيير – أن يبني نموذجاً للحكم يتجاوز منطق القوة والخطابة؟ هل تسير غينيا نحو «تونس أخرى» تُجهض تجربتها في المهد، أم نحو «غانا جديدة» تنتصر فيها الدولة على منطق الغنيمة؟

الجنرال دومبويا، كما رفاقه في مالي وبوركينا فاسو، يراهن على شرعية الإنجاز المادي. لكنه يعلم أن الطرق المعبدة لا تكفي وحدها لتعبيد طريق نحو الشرعية. الزمن وحده كفيل بأن يكشف إن كانت هذه السلطة تقود البلاد إلى تحوّل حقيقي، أم أن ما يحدث هو مجرّد تجميل لاستبداد قديم بقناع جديد.

الساعة تدق، وغينيا تنظر إلى نفسها في مرآة القارة: هل تبقى حبيسة النسيان، أم تكتب فصلاً جديداً، لا يبدأ بالبندقية.

نقلاً عن الشرق الأوسط


أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك لنا تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اخبار السودان

وزير الإعلام: أي جهة خارجية لا تمتلك الحق في تحديد خيارات السودانيين

نشرت

في

أخبار | السودان الحرة

الخرطوم: السوداني

قال وزير الثقافة والإعلام والسياحة، خالد الإعيسر، إن البيانات المتكررة الصادرة عن بعض الجهات الخارجية، إلى جانب العقوبات الأحادية المفروضة على بعض القادة في السودان والتنظيمات الوطنية، تمثل خرقاً صريحاً لميثاق الحقوق والمعايير الدولية، ولا تعدو كونها خطوات مكشوفة ومكررة، ومحاولات تحايل اعتاد عليها السودانيون عقب كل انتصار ميداني تحققه قواتهم المسلحة بمكوناتها المتعددة.
وتابع: “من المؤكد أنه لا تمتلك أي جهة خارجية الحق في تحديد خيارات الشعب السوداني، الذي يدرك تماماً طبيعة هذه الألاعيب وأهدافها. فهو شعبٌ واعٍ بخفايا اللعبة السياسية الدولية التي لا تنطلي عليه، ولا يولي تلك البيانات والعقوبات أي اهتمام، بل يعدها مجرد حبر على ورق.
وأضاف فى تدوينة على صفحته بالفيسبوك ‏اليوم بعنوان حبر على ورق: في كل مرة يرتفع فيها منسوب الفرح الشعبي بالإنجازات العسكرية، تسارع بعض الجهات الدولية إلى محاولة إجهاض هذا الفرح، من خلال تبني قرارات لا تحمل أي قيمة حقيقية على أرض الواقع. وتُعد الانتقائية في التعامل مع القضايا السودانية انتهاكاً واضحاً لميثاق الحقوق والمعايير الدولية، وتكشف ازدواجية المعايير التي تنتهجها بعض الأطراف في مواقفها وتصريحاتها.‏
وأضاف: سيمضي الشعب السوداني قُدُماً في الدفاع عن وطنه، وفقاً للقانون والدستور، مدعوماً بإرادة راسخة لملاحقة المليشيات في ما تبقى من مواقع انتشارها في دارفور وكردفان، وفي كل جحر تختبئ فيه على أرض السودان.

أكمل القراءة

اخبار السودان

الخارجية: عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية لا تساعد في تحقيق السلام

نشرت

في

أخبار | السودان الحرة

الخرطوم: السوداني

قالت وزارة الخارجية إن الإجراءات الآحادية من وزارة الخزانة الأمريكية لا تساعد في تحقيق الغايات المنشودة في بيان الخزانة من تحقيق للسلام في السودان والمحافظة على السلم والأمن الدوليين.
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية فرضت عقوبات على وزير المالية د. جبريل ابراهيم وكتيبة البراء بن مالك التي تقاتل مع الجيش.
وأكد بيان لوزارة الخارجية اليوم الأحد، أن أفضل الطرق لمعالجة الأزمات يعتمد في الأساس على الانخراط المباشر وعدم الاعتماد على افتراضات تروج لها بعض الجهات التي تحمل أجندة سياسية خاصة لا تخدم المصالح العليا للشعب السوداني، وأشار البيان إلى أن تحقيق السلام في السودان ربما يكون غاية مشتركة للمجتمعين الإقليمي والدولي ولكنه في المقام الأول شأن سوداني مبني على تطلعات الشعب بكافة مكوناته، وأن حكومة السودان هي المسؤولة عن تحقيق هذه التطلعات عبر كل الوسائل بما فيها الانخراط والعمل المشترك مع كافة الجهات في إطار احترام السيادة الوطنية.

أكمل القراءة

اخبار السودان

السودان.. الجيش يصد الهجوم العنيف – السودان الحرة

نشرت

في

أخبار | السودان الحرة

الخرطوم: السودان الحرة

بحسب ما أشارت

أفادت تقارير، أن الجيش السوداني تمكن من  صد هجوم لميليشيا الدعم السريع غرب مدينة الأبيض.

وشهدت الساعات الماضية اشتباكات عنيفة في محور كردفان بين الجيش وميليشيا الدعم السريع.

أكمل القراءة

ترنديج