Connect with us

اخبار السودان

في علاقة الدين بالسياسة – السودان الحرة

نشرت

في


*يظل مبحث العلاقة بين الدين والسياسة من أهم المباحث المطروحة في الساحة السياسية العربية والإسلامية، حيث ظل الدين يلعب الدور الأكبر في توجيه حياة شعوب المنطقة، وفي تشكيل علاقتها بالأنظمة الحاكمة.

*وفي الغالب الأعم ارتبطت السلطات السياسية في العالم العربي مع المؤسسات الدينية بعلاقة سمتها الأساسية هي تبادل المنافع، فالسلطة تغدق على المؤسسات الدينية المنح والمناصب والرواتب والعطايا، وأعضاء المؤسسات يمنحون الشرعية للسلطات السياسية.

*ومن أمثلة تلك العلاقة بين الطرفين ما ظهر إبان حكم الملك فؤاد الأول في مصر، حيث سعى الأخير للاستفادة من تلك العلاقة واستخدامها كترياق مضاد للحركة الوطنية التي أمسك بزمام قيادتها حزب الوفد في أعقاب ثورة 1919، وكان الملك يفتقد للرصيد الشعبي في مواجهة الوفد وأراد صنع تيار يضمن له النفوذ الجماهيري.

*كانت الفكرة التي التقى حولها الطرفان هي “الخلافة الإسلامية”، حيث راود الملك حلم قيادة العالم الإسلامي بعد سقوط الخلافة عام 1924، وكان الأزهر هو الأداة التي استخدمها بالترويج للفكرة في البداية ثم جاءت من بعده جماعة الإخوان المسلمين.

*وقف الأزهر على رأس حملة الدعوة لاستعادة الخلافة، وتم تكوين “الهيئة العلمية الدينية الإسلامية الكبرى” لدراسة الأمر، حيث أوصت بعقد مؤتمر إسلامي في مارس 1925 بالقاهرة يترأسه شيخ الأزهر بمشاركة ممثلين لجميع الدول الإسلامية ليبحث في قضية من يجب أن تسند إليه الخلافة الإسلامية.

*لم تنجح الخطوة في تحقيق الهدف الذي قامت من أجله، حيث دبت الخلافات بين المجتمعين وقرروا أن المؤتمر بتشكيله الذي انعقد به غير قادر على إجراء البيعة، ولكن لجان المؤتمر قامت بعملها في تعريف الخلافة وشروط توليها وسلطات الخليفة.

*تم تعريف الخلافة بأنها (رياسة عامة في الدنيا والإمام نائب عن صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم، في حماية الدين وتنفيذ أحكامه، وفي تدبير شؤون الخلق الدنيوية على مقتضى النظر الشرعي.. وأن الإمام يتولى الحكم بالبيعة من أهل الحل والعقد أو باستخلاف إمام قبله، أو بطريق التغلب وحده).

*التعريف أعلاه جاء في العقد الثالث من القرن العشرين، وهو تعريف مستمد من مفاهيم القرون الوسطى ولم يطرأ عليه أي جديد، فهو يتبنى ذات الوسائل القديمة في اختيار الخليفة ويجمع تحت سلطته شؤون الدين والدنيا، دون أدنى محاولة لتطوير رؤية عصرية تواكب التطورات التي لحقت بنظم الحكم في العالم.

*أما سلطة الإمام (الخليفة) الدنيوية فقد تم تحديدها من قبل لجان المؤتمر كالآتي: (لما كان الإمام صاحب التصرف التام في شؤون الرعية، وجب أن تكون جميع الولايات مستمدة منه وصادرة عنه، كولاية الوزراء وكولاية أمراء الأقاليم وولاية القضاة وولاية نقباء الجيش وحماة الثغور).

*وفقا للكلام أعلاه فإن الخليفة يجمع بين يديه كافة السلطات فهو الذي يعين الحكومة التنفيذية وحكام الأقاليم ورئيس القضاء وقائد الجيش، وهو أمر يناقض الدساتير الحديثة ومنها الدستور المصري لسنة 1923 الذي رغم إعطائه سلطات كبيرة للملك إلا أنه قرر بوضوح أن جميع السلطات مصدرها الأمة وأن الحكومة يشكلها البرلمان.

*وفيما يلي شروط اختيار الخليفة، فقد قالت اللجنة أن الشروط التي يتوجب توفرها في الخليفة هي (البلوغ والعقل والحرية والذكورة وسلامة السمع والبصر والنطق مع القدرة على إقامة الحدود وتنفيذ الأحكام وحماية بيعة المسلمين) وذكرت أن شرط القرشية فيه قولان: أحدهما أنها لا تشترط، وحتى ولو اشترط فأنه يتعذر توافره الآن مع استيفاء الشروط الأخرى).

*ومن المؤكد أن اللجنة أبدت الاستعداد لتجاوز شرط قرشية الإمام (أي أن يكون منتميا لقبيلة قريش) لأن الرجل الذي تتحالف معه المؤسسة الدينية وتعمل على تنصيبه خليفة للمسلمين، وهو الملك فؤاد، ليس من أصول عربية فهو ينتمي إلى سلالة محمد علي باشا التي ترجع أصولها إلى دولة ألبانيا.

*وفي إطار مواجهة خطاب المؤسسة الدينية الرسمية المساند للملك في سعيه لتوطيد سلطته مقابل التيار الليبرالي الوطني الذي كان يقوده الوفد، أصدر الشيخ علي عبد الرازق كتابه “الإسلام وأصول الحكم” الذي نفى فيه أن تكون الخلافة حكما من أحكام الدين الإسلامي، موضحا أن القرآن والسنة لم يتعرضا مطلقا لموضوع الخلافة.

*قال عبد الرازق: (ليس بنا حاجة إلى تلك الخلافة لأمور ديننا ولا لأمور دنيانا، ولو شئنا لقلنا أكثر من ذلك، فإنما كانت الخلافة ولم تزل نكبة على الإسلام والمسلمين.. فالحكم والحكومة والقضاء والإدارة ومراكز الدولة هي جميعا خطط دنيوية، لا شأن للدين بها، فهو لم يعرفها ولم ينكرها، ولا أمر بها ولا نهى عنها، وإنما تركها لنرجع فيها إلى أحكام العقل وتجارب الأمم وقواعد السياسة).

*كما أكد أن نظام الخلافة يقوم على القهر والظلم (وإذا كان في الحياة الدنيا شيء يدفع المرء إلى الاستبداد والظلم، ويسهل عليه العدوان والبغي، فذلك هو مقام الخلافة، وقد رأيت أنه أشهى ما تتعلق به النفوس، وأهم ما تغار عليه، وإذا اجتمع الحب البالغ والغيرة الشديدة وأمدتها القوة البالغة، فلا شيء إلا العسف ولا حكم إلا السيف).

*ونتيجة للتحدي الكبير الذي جسدته الآراء الجريئة التي وردت في الكتاب وخطورة الأفكار التي طرحها على التحالف بين الملك والمؤسسة الدينية من خلال رفضه للخلافة ودعوته لمدنية الدولة، قامت هيئة كبار العلماء في الأزهر بمحاكمة الشيخ علي عبد الرازق وأخرجته من زمرة العلماء وفصلته من العمل كقاضي شرعي.

*وبعد رحيل فؤاد الأول وجلوس ابنه فاروق على العرش، استمر تبادل المنافع بين السلطة والمؤسسة الدينية، ودخلت على المشهد جماعة الإخوان المسلمين التي التقت مصالحها مع الملك في محاربة التيار الوطني الذي يقوده الوفد، وفي مناسبة عيد الجلوس على العرش عام 1942، لم تتورع جريدة النذير، لسان حال الإخوان، عن تشبيه الملك بالفاروق عمر بن الخطاب ولقبته بأمير المؤمنين.

*كما سار المرشد المؤسس حسن البنا على خطى الأزهر في المطالبة بعودة الخلافة، وقال مقولته الشهيرة: (كان المسلمون في الخلافة يرجعون إلى الخليفة فأين هو الآن؟ لا بد أن نعمل جميعا على إيجاده)، وعندما خرجت جماهير الوفد في مظاهرات ضد القصر تهتف “الشعب مع النحاس”، خرج الإخوان يناصرون فاروق ويهتفون “الله مع الملك”!

*اليوم، وبعد مرور قرابة القرن من بروز قضية الخلافة الإسلامية، يبدو أن تحالف السلطة مع المؤسسة الدينية لم يستطع – لأسباب عديدة – تحقيق نجاح يذكر في إنزال تلك القضية لواقع التطبيق، حيث سارت معظم الدول العربية والإسلامية في طريق إيجاد شرعيات مختلفة ليس من بينها الخلافة، ولكن تبادل المنافع بين الطرفين ما يزال مستمرا في مجالات وقضايا أخرى.


أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك لنا تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اخبار السودان

لجنة تفريغ الخرطوم تحذر أصحاب المنازل من التستر على الأجانب المخالفين

نشرت

في

أخبار | السودان الحرة

الخرطوم: السوداني

وجّهت لجنة تفريغ العاصمة من الأجانب واللاجئين غير المقننين نداءً عاجلًا إلى أصحاب المنازل، بضرورة التبليغ الفوري عن جميع الأجانب الذين يعملون أو يقيمون في تلك المنازل، وذلك عبر أقرب مركز شرطة.
وأشارت اللجنة إلى أن عدم التبليغ يُعد تستراً على جريمة، ويعرّض صاحب المنزل للمساءلة القانونية.
وناقشت اللجنة في اجتماعها اليوم، ظاهرة المتسولين القادمين من دول الجوار، والذين باتوا يشكلون تهديدًا أمنيًا.
وتم استعراض خطة العمل للتعامل مع هذا التهديد، مع التأكيد على تطبيق القوانين المنظمة للهجرة ومحاكمة المخالفين دون استثناء لأي جهة أو جنسية.
وفي تصريحات صحفية عقب الاجتماع، قال العميد سامي الضي بشارة، الرئيس المناوب للجنة تفريغ العاصمة من اللاجئين، إن اللجنة اتخذت عدة قرارات بشأن العمالة المنزلية من الأجانب الذين لا يحملون تصاريح عمل رسمية، ودخلوا البلاد بطرق غير شرعية.
وأوضح أن اللجنة نسّقت مع شرطة ولاية الخرطوم لاستلام أي أجانب يتم التبليغ عنهم أو يتقدمون بأنفسهم إلى أقسام الشرطة، وذلك بالتنسيق مع دائرة الأجانب لترحيلهم وإبعادهم فورًا.
وأضاف بشارة أن اللجنة تؤكد جديتها في التعامل مع ملف الوجود الأجنبي باعتباره تحديًا أمنيًا، مشددًا على أن أعمال اللجنة تستند إلى القانون الدولي والمصالح الوطنية، وتنفيذًا للقوانين المنظمة لعمل الأجانب في السودان. وأكد أن الإجراءات لا تستثني أحدًا، ولا تركز على رعايا دولة بعينها، مشددًا على أن اللجنة ستُنهي مهامها قبل نهاية العام الجاري.

أكمل القراءة

اخبار السودان

الشركة السودانية للموارد المعدنية تعقد اجتماعاً مع «اليانس» لمراجعة إنتاج 2025 ووضع خطة طموحة لـ2026

نشرت

في

أخبار | السودان الحرة

متابعات – السوداني

عقد المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية المحدودة، السيد محمد طاهر عمر، اليوم الأربعاء اجتماعاً موسعاً مع مسؤولي شركة «اليانس» للتعدين، خُصص لمراجعة أداء العام 2025 وبحث خطة الإنتاج والتشغيل للعام 2026.

أكد محمد طاهر عمر أن الشركة السودانية ملتزمة بتعظيم الإنتاج وزيادة مساهمة الشركات المنتجة في دعم الاقتصاد الوطني، مشدداً على إزالة كل المعوقات الفنية والإدارية أمام عمليات التعدين. وقال: “نعمل على توفير بيئة عمل مستقرة تشجع الأداء المتميز، بما يرفع أنصبة الحكومة من العائدات المعدنية ويحقق الاستخدام الأمثل لثروات البلاد”.

وأشار المدير العام إلى أن خطة 2026 تستهدف زيادة الإنتاج وتحسين كفاءة التشغيل من خلال تطبيق أنظمة رقابية متطورة، مع تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الشركات العاملة لرفع الإيرادات في المرحلة الراهنة.

من جانبه، ثمّن نائب مدير شركة «اليانس» سمير جيبتسوف الدعم الكبير والمستمر الذي تقدمه الشركة السودانية، مؤكداً أن «اليانس» تنفذ خططاً مدروسة لرفع الإنتاج وتحقيق نمو مستدام خلال 2026.

وأضاف جيبتسوف: “ننسق بشكل كامل مع وزارة المعادن والشركة السودانية لتنفيذ برامج طموحة تضاعف مساهمتنا في الاقتصاد الوطني وتدفع عجلة التنمية”.

يأتي الاجتماع ضمن سلسلة اللقاءات الدورية التي تعقدها الشركة السودانية لضمان كفاءة الأداء والإنتاجية العالية في قطاع التعدين، الذي يُعدّ أحد أبرز أعمدة الاقتصاد الوطني في المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد.

حضر الاجتماع كل من مدير الإدارة العامة للمسؤولية المجتمعية، ومدير أمن اقتصاديات المعادن، ومدير إدارة شركات الامتياز المنتجة، إلى جانب وفد رفيع من شركة «اليانس» برئاسة نائب المدير سمير جيبتسوف.

أكمل القراءة

اخبار السودان

مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم – السودان الحرة

نشرت

في

أخبار | السودان الحرة

الخرطوم: السودان الحرة

بحسب تعميم صادر.

أوقفت شرطة الخرطوم، 5 متهمين ضمنهم أحد المتعاونين مع ميليشيا الدعم السريع، في منطقة عد بابكر شرقي الولاية.

وأوضحت في بيان، أن المتهم “المتعاون” أرشد إلى 4 آخرين يعملون في الدجل والشعوذة بغرض استخراج مبالغ من العملات الأجنبية مخبأة في باطن الأرض تركها أفراد من الدعم السريع في مزرعة بمنطقة جبل أولياء.

وأشارت إلى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في مواجهة المتهمين.

أكمل القراءة

ترنديج