أخبار | السودان الحرة
مع موجات العنف الأسري المتصاعدة ضد النساء عموماً، وخاصة استهداف الناجحات منهن مؤخراً. لم يصبح المهم في اختيار الرجل الذي يصلح للزواج لا مال ولا جاه ولا حتى شهادات ولا طريقتنا المعتادة في السؤال عن الشخص أو سيرته أو (ود ناس منو؟!) أو أهله كويسين ولا لأ؟،
هذا كله لم يصبح كافياً (وحده) أبداً،
المُعَنِّف المثالي
فأغلب الرجال المُعنِّفين للنساء ينجحون في الظهور داخل مجتمعاتنا بصورة مغايرة ومخادعة، ولا أبالغ حين أصفها بالمثالية أحياناً،
لدرجة أنكم قد تصابون بالدهشة وتضربون كفاً بكف وأنتم تسمعون أنّ الشخص اللي تبدو صورته ظاهرياً بالنسبة لكم هادئ ومتدين وكريم ومُحِب وطيب وناجح هو نفسه الذي يُعنّف زوجته نفسياً وجسدياً،
عادة الرجل الـ(abuser) مُعنِّف النساء ينجح في رسم صورة رائعة عن شخصيته لدى المجتمع، وممكن يكون لطيف و(جنتل) مع كل الناس ما عدا زوجته، أو ما عدا نساء بيته عموماً يعني أخته وابنته أيضاً.
المُعَنِّف صياد ماهر
والرجل الـabuser في الغالب صيَّاد ماهر، لا يختار للزواج إنسانة عادية، ولا ترضي غروره إلا امرأة ناجحة وجميلة وقوية ومستقلة هنا فقط، يجد متعته في تحويل شخصيتها من خلال ألعابه النفسية أو ما يسمونه في علم النفس (Gaslighting)،
بالبلدي كده يعني يقلل دائماً منها وينتقدها كثيراً ويشككها في نفسها، وفي الناس الحولها ويحاول يبعد عنها كل اللي بيحبوها عشان يعزلها، وكل ما دائرتها الاجتماعية تضيق طبعاً مدى تأثيره بيتسع، وسيطرته عليها بتزيد ومعاهم غروره وزهوه الملازم للشخصية النرجسية دي وبيكون تصنيف الرجل هنا في معظم الحالات (النرجسي الخفي).
نساء ناجيات
هناك نساء قويات وقعن فرائس في لحظات (خَدَر) الحب الخرافي لكنهن سرعان ما يقررن الاستفاقة والنجاة بمغادرة هذه العلاقات السامة، غير أنّ باب الخروج حتماً لن يكن سهلاً كباب الدخول، والتحرر من علاقات كهذه له فواتير باهظة.
ففي ذات اللحظة التي يشعر فيها الرجل المُعنِّف أنه بدأ يفقد تأثيره وأن ضحيته قد فهمت لعبته وقررت أن تبعد عنه، يشعر بالخطر والغضب والضعف الشديد وحينها سيظهر وجهه الأقبح على الإطلاق.
ويمكن أن يتفاوت رد فعله من محاولة التشهير بسُمعتها وعرضها، أو محاولة تقويض صلاحيتها باتهامها بمرض نفسي في دائرة علاقاتهم المشتركة تحديداً حتى لا يصدقها أحد إذا قررت أن تتكلم.
المُجرِم في ثوب الضحية
ووقتها سيسبقها هو بتقمص دور الضحية وسيظل يبكي حبه ويشكي قسوتها، وهو بشكل مسبق قد حصَّن نفسه بالصورة المثالية لشخص رائع وزوج مثالي وكريم قد يدفع مثلاً تبرعاً سخياً لدعم امرأة مريضة أو أرملة غريبة على مسمع ومرأى الناس في مجتمعه، بينما في الحقيقة هو يتردد ويتلكأ في شراء لبن أطفاله وعلاج زوجته، وقد يدفع مبلغاً ضخماً للهدايا لأصدقاء وزملاء وأقارب وهو في المقابل يعاقب زوجته التي طلبت الطلاق بالامتناع عن دفع إيجار المنزل الذي يعيش فيه أبناؤه وفواتير الغاز والكهرباء والمياه وهذه النماذج المريضة موجودة في مجتماعتنا حماكم الله.
أخطر النساء
أخطر أنواع النساء على الرجل المُعَنِّف هي المرأة التي لا تُلوى لها ذِراع، تلك الواعية القادرة على الاستغناء عنه تماماً، والتخلص من تأثيره، المُدرِكة ولو متأخراً لألعابه ومهاراته في قلب الطاولة وتمثيل دور الضحية، فقررت أن تغادره وتواصل مشوار حياتها وتستقل وتنجح، وهنا يكشر عن أنيابه ويستعر ويصبح هدفه الوحيد في الحياة تدميرها ومعاكستها، وممكن أن يصل حد القتل!!!!!!
إجراءات وقائية
كيف تحمي المرأة نفسها من الوقوع في فخ الـlove bombing حتى لا تُخدَع بمثالية ومحاولات إبهار الرجال المُعنِّفين في البدايات؟؟!!
ببساطة
أهم شيء للنساء أن ينظروا للبيت الذي جاء منه هذا الشخص، بالذات الأم، فأغلب الرجال النرجسيين والمُعنِّفين كانوا ضحايا في الأصل لأم نرجسية أو أم تخلَّت عنهم في صغرهم وعاشوا طفولة قاسية فيها كل أنواع التعنيف والحرمان والإهانة والذُّل، وبالتالي كبروا ودواخلهم مُسمَّمة بالأحقاد (الخفية) تجاه معشر النساء بصورة عامة، لأنهم لم يعيشوا أصلاً في أجواء أسرية طبيعية فيها استقرار ولا عرفوا يوماً النمط السوي للعلاقات بين الجنسين، ظلوا يكبرون ويتضخّم معهم الجرح الصغير من أم متسلطة ونرجسية أو أخرى ضعيفة لم يكن بمقدورها الدفاع عن نفسها أمام والده إذا كان يعنفها نفسياً أو جسدياً، أو أم انفصلت عن زوجها فاضطرت لترك أولادها ولم تتحمَّل مسؤولية تربيتهم وتعويضهم بالحب والحنان الكافيين لإعداد رجال أسوياء للمجتمع.
كيف يُكتَشَفُ الذكر المُعَنِّف؟!
الرجل اللي بيصلح للزواج يا جماعة حقيقي لا مهم يكون غني ولا وسيم ولا من عيلة كبيرة ولا عنده مليون شهادة ولا متدين ظاهرياً فقط.
ما يجب التأكد منه والأهم مع موجة العنف الحاصلة الآن هل هذا الرجل سوي نفسياً أم لا؟!
كثيرات سيتبادر لأذهانهن السؤال الأهم: كيف يمكن التعرف على الرجل المُعَنِّف من البداية؟ هل بإخضاع أي عريس لاختبار نفسي مثلا؟!!
أي امرأة قد تقع في الفخ
الحقيقة أن أي امرأة مهما بلغت درجة حرصها وذكائها، وقد تقع في الفخ وقد تنخدع في تقييم الآخرين، لكن هناك أساسيات بمثابة المرآة التي تكشف حقائق البشر بينها (الغضب والمال).
اختبروا سلوك الناس المادّي (وعدييييييل كده اختلفوا واتشاكلوا معاهم) قبل الدخول معهم في علاقات مصيرية وشوفوهم بيتصرفوا كيف؟! بالذات لما يغضبوا هنا الأقنعة بتسقط،
وقولوا لبنات العائلات المحترمات ما تتزوجوا إلا رجال أسوياء نفسياً،
لأنه الرجال الأسوياء فقط هما اللي قادرين يفتحوا بيوت، يتحمّلوا مسؤوليتها ويحترموا بنات الناس ويحترموا نسابتهم حتى لو الحياة استحالت بيعاشروا بالمعروف وبيغادروا بإحسان.
بعد ده كله اللي في نصيبك بيصيبك.
أخيراً اللهم أرحم الطبيبات المغدورات ضحايا العنف الأسري وخالص التعازي لذويهم ومحبيهم وزملائهم.
وتحية محفوفة باحترامات لكل رجل حقيقي يحترم النساء ويكرمهن فما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم..!