الكوليرا من السلاح الكيماوي وفيه، أسلحة فتّاكة إضافية في الحرب السودانية العبثية .
لا يختلف وجه الشبه، بين آثار السلاح الكيميائي على البشر وأعراض مرض الكوليرا الذي يكمن في أنّ كلاهما يؤديان إلى أعراض مميتة سريعة، تتعلّق بالجهاز الهضمي والتنفسي، فالقيء والإسهال الحاد، كما تُسبّبه الكوليرا ويؤدي إلى الجفاف، فإنّ بعض المواد الكيميائية السامة تُسبّب قيئاً قوياً وإسهالاً حاداً، مُشابهاً إلى حدّ كبير لما يحدث في حالة الكوليرا ذاتها، ناهيك عن الجفاف الشديد، بسبب فقدان السوائل في الجسم نتيجة النزيف أو تلف الأنسجة، وهذا بدوره يؤدي إلى الوفاة في غضون ساعات قليلة من الإصابة، أو التعرّض لغازات سامة، إن لم يتمّ التدخّل الفوري والعاجل للمصاب.
وفي بلادٍ اعتادت أن تعاني من كثرة الأوبئة والفيضانات والكوارث، تأتي الكوليرا اليوم لا كمرض عابر، بل كغطاء يتستّر على سلاح مميت وقاتل وسريع الفتك، يُطلقه ” الجيش السوداني” ضدّ المدنيين العُزل، في تنوّع جديد لطرق الموت السريعة، وابتكار خطير لطريقة من طرق الإبادة التي انتهجها “الجيش ” منذ بدء الحرب في ابريل عام 2023، فلم يكتفِ بالقصف، بل سلّط على الناس سلاحاً أشد فتكاً: “وهو الكيماوي الذي يشبه سلاح الكوليرا”، ولنقلْ حتى إنّه ليس كيماوياً، بل هو كوليرا عادية، فأين الدولة عنه، لأنّ ما يحدث في الخرطوم، وأم درمان، والجزيرة، ليس تفشياً تقليدياً لوباء معروف في السودان، بل هو إجرام متعدّد الوجوه من الإهمال المتعمّد، والتسميم غير المباشر، والتواطؤ الرسمي، ليغدو المرض أداة حرب، تُستخدم كما تُستخدم الطائرات المسيّرة والذخائر الحارقة، والسكاكين والسواطير والمدافع والكلاشنكوف، وغيرها من أدوات القتل المتعددة.
وقد أقرّت وزارة الصحة السودانية ذاتها تسجيل أكثر من 2700 إصابة و172 وفاة في أسبوع، بينما يقرّ وزير الصحة في ” الحكومة السودانية” بانهيار الخدمات الصحية وسحب منظمة أطباء بلا حدود من مراكز العزل في ذروة الأزمة، في قرار إجرامي جديد بحقّ المرضى، لا تفسير له، حيث تقدّم الإفادات المُسرّبة من مستشفى “النو” وأم درمان التعليمي عن حقيقة تراجع مأساوي في الاستجابة لحالات المرضى، وارتفاع غير مسبوق في عدد الوفيات، في الوقت الذي يكذّب فيه الوزير المسئول عن صحة الناس، ويُصرّح بأنّ المرض تحت السيطرة، لكنّ الناس تموت في الشوارع وتحت الأشجار، والنداء العاجل: ” هذه ليست كوليرا، ارحمونا من الكذب ، هذه سموم من الكيماوي الذي فتك بنا أشدّ الفتك”.
في هذا السياق الدرامي، الكوليرا غطاء للكيماوي، لقد أصبح الكلّ يدرك الحقيقة، نعم يوجد كوليرا وتفاقمت، لكنّ الكيماوي جعلها كوليرا كارثية، وأثراً لسلاح يخفيه الجيش السوداني وراء فشله العسكري، سلاح سرّي أُطلق على الشعب باسم الحرب، سلاح لا يُرى بالعين الُمبصرة، لكنه يقتل جماعات دفعة واحدة، لأنّ “الجيش ” محترف في صناعة الإبادة، لا برصاصٍ في الرأس، ولا ببقرٍ للبطون، بل بماءٍ مُلوّث، وهواء مسموم، ووباءٍ يُترك ليأخذ مداه، هنا الكوليرا ليست مجرد مرض مهمل، بل أصبحت أيضا سلاحاً إضافياً، يُضاف إلى ترسانة الأسلحة المميتة وعلى رأسها الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، وكلّ ما قد تمّ تحريمه دولياً وإنسانياً ودينياً، يستخدمه “الجيش” ومن ورائه عصابة تنظيم الإخوان والإجرام المنهج، التي لن تترك السودان حتى تعود إلى الحكم بأيّ ثمن من الأثمان، حتى ولو كانت باهظة على حساب الوطن والشعب، وعلى جثث الأبرياء ودون أي وازع ديني أو إنساني، بل بالقوّة والقتل والبطش، فارتكبت مع الجيش جرائم حرب لن ينساها السودانيون أبداً.