جيش السودان يضرب الكيماوي الإيراني ضدّ السودانيين.
لم تعد المسيّرات الإيرانية وجبة مشبعة لإرضاء الجيش السوداني، بل تطوّر الأمر إلى أكثر من مسيّرات وبنادق وقنابل، وتعدّاه حتى تخزين الصواريخ في قلب الأرض وتحت الجبال في شمال الخرطوم بحسب ما ورد من تقارير سريّة، ولم تعد إسرائيل بعيدة عن كشف أسرار الوضع السوداني المتشرذم، حيث يٌعتقد بأنّ إيران تُخبِّئ أكثر من الصواريخ في السودان، وكل يوم ينكشف أمر جديد وخطير ما بين الحكومة السودانية والنظام الإيراني، بعد أن جعل عبد الفتاح البرهان أرض السودان مسرحاً جاهزاً لمشروع توسعي إيراني جديد وطموح، يستثمر في الفوضى، ويستغلّ الانقسام والانهيار المؤسسي، لتحويله إلى محطة عبور، ومنصّة انطلاق لعمليات سرّية إيرانية، أخطرها تهريب وتخزين السلاح الكيماوي المحظور.
كما تفيد التقارير الاستخباراتية الحديثة التي سُرّبت من أرشيف المخابرات السورية والتي سُلّمت للولايات المتحدة عبر مسؤول سوري منشق عن نظام الأسد الساقط، معلومات عن ربط الوجود الإيراني ولأول مرة مع الحكومة السودانية، وبين تسهيل نقل شحنات من الأسلحة الكيماوية، بالتعاون مع ضباط سودانيين بارزين وشبكات لوجستية عابرة للحدود، وبإشراف إيراني مباشر.
والقصة بدأت عندما وجدت إيران نفسها مضطرّة لتغيير خططها في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل تُكثّف ضرباتها على ضباطها ومصانعها وعلمائها وخبرائها في كل من سوريا ولبنان وفلسطين مع ضرب منشآت إنتاج السلاح داخل إيران أيضاً، فما كان من إيران إلا أن تقوم بنقل المخزون الحسّاس خارج حدودها، تحسّباً لأسوء السيناريوهات، ولم يكن هناك موقع أكثر هشاشة، وأكثر حاجة لأسلحتها وأقلّ رقابة وتعقيداً مثل بلد السودان، في حربه العبثية الطاحنة، وتحت قيادة عصابة من تنظيم الإخوان المسلمين المتطرفين والعسكريين الفاشلين.
وتبيّن المعلومات الواردة في تقارير أمنية متعددة إلى أنّ شحنات عسكرية إيرانية، بعضها يحتوي على مكونات لصواريخ بعيدة المدى ومواد كيماوية أولية، شُحنت سرّاً من ميناء بندر عباس، مروراً بأسمرا في إريتريا، ومنها إلى السودان براً، حيث أُعيد تجميعها وتوزيعها في مستودعات سرّية، ومن بين هذه المستودعات، برز مسلخ “الكدرو” كموقع غير تقليدي، يُعتقد أن له دوراً في التخزين المؤقت للمواد الكيماوية قبل نقلها إلى مواقع عسكرية أكثر تأميناً، مثل قاعدة “أوسيف” السرّية الجديدة على ساحل البحر الأحمر، والتي بدأت إيران بتشييدها بدعم من ضباط في الجيش السوداني المهزوم، مقابل إمدادات عسكرية ولوجستية، وتقوم هذه القاعدة الإيرانية في أوسيف بدور كبير في المشروع الإيراني السرّي، حيث تشير معلومات استخباراتية إلى أن هدف طهران الحقيقي ليس التخزين فحسب، بل استغلال السودان كنقطة ارتكاز إيرانية لضرب مصالح إسرائيل وحلفائها، عبر البحر الأحمر بمساعدة الحوثيين ، وليس فقط بالطائرات المسيّرة والصواريخ المطوّرة، بل بسلاح كيماوي قد يُشكّل عنصر الردع في الصراع المستمر بين ايران وإسرائيل.
والجدير بالذكر أنّ الأرشيف السوري المُسرّب قد كشف أن المدعو “ميرغني إدريس”، وهو ضابط برتبة عالية والمقرّب من قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، قد لعب دوراً مركزياً في تسهيل استلام ونقل هذه شحنات المواد الأولية للسلاح الكيماوي إلى السودان، وهو العقل الفني وراء بناء البنية التحتية اللازمة لتخزين هذه المواد واستخدامها لاحقاً، في إطار مشروع أكبر يمتدّ على طول الساحل الشرقي للسودان.
ولكن ومع كل ما يجري في السودان فلم يعد الأمر مجرد أزمة وطنية، أو حرباً أهلية، إنه تحوّل استراتيجي خطير جداً في ميزان القوى الإقليمي، وقد وضعت إيران يدها في يد عصابة تنظيم الإخوان المسلمين المنفلتة، في سعي منها لجرّ إسرائيل إلى أفريقيا، وفتح جبهة جديدة يكون السودان فيها هو الخاسر الأكبر والوحيد، عبر أدوات التخفّي والاحتيال الجيوسياسي، لأنّ ذلك يمثّل ناقوس خطر للمجتمع الدولي بأنّ مسار الفوضى قد يؤدي إلى كارثة لا تقتصر على حدود السودان، بل تطال البحر الأحمر والشرق الأوسط برمّته إن لم يتمّ التحرّك سريعاً للجم طموح إيران والسلاح الكيماوي السوداني، وحكومة السودان الغير شرعية، مع عصابة تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابية وكلّ حلفائهم من المجرمين، وإنقاذ السودان قبل فوات الأوان .