الخرطوم : وجدان طلحة
أعلن مديرو الجامعات السودانية، عن مبادرة لجمع الصف الوطني؛ بغرض إنفاذ مقررات ثورة ديسمبر المجيدة، وإنجاز الانتقال الديمقراطي وصولاً إلى عهد ديمقراطي مستدام، وللخروج بإعلان سياسي أو إعلان مبادئ .
ولفت مدير جامعة الجزيرة، الناطق باسم المبادرة، بروفسير محمد طه، في مؤتمر صحفي، بمركز طيبة برس أمس، إلى ضرورة جلوس القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني لتناول القضايا المحورية المختلفة في وثيقة تخرج كوثيقة سياسية أو خارطة طريق لتخرج بها البلاد من هذه المحنة .
ملخص المبادرة
بدأت المبادرة بـ(12) من مديري الجامعات، وفيما بعد وجدت تأييداً من مديري الجامعات الحكومية الأخرى، وتواصل المبادرة عملها بمشاركة الجميع وصولا إلى توافق مدني على وثيقة سياسية وخارطة طريق لتجاوز الأزمة السياسية الحالية .
ورؤيتها وطن يسع الجميع، وإرسال رسالة مفادها مساعدة قوى الثورة على التوافق على برامج وآليات تُمكن من عبور البلاد نحو عهد ديمقراطي مستدام وفق منهجية علمية؛ بهدف استعادة الديمقراطية بعد انقلاب 25 أكتوبر الماضي، وإنجاح الانتقال الديمقراطي وصولاً لمدنية الدولة الكاملة، بالإضافة إلى تحقيق الإجماع الوطني حول قضايا السودان الكبرى المرتبطة بتأسيس وبناء الدولة السودانية، والوصول لوثيقة سياسية وخارطة طريق متوافق عليهما لإنجاح الانتقال السياسي .
وتعتمد مبادرة مديري الجامعات السودانية في عملها على تجميع المبادرات الموجودة في الساحة، وتحليلها وفق نهج علمي لتحديد نقاط الاتفاق والاختلاف، وإدارة حوار مباشر مع كل القوى الثورية والمدنية والسياسية، ومن ثم عقد ملتقى تحضيري للجهات الموافقة على الجلوس للحوار؛ بغرض التحضير للملتقي التفاكري الجامع بمشاركة كل القوى السياسية للاتفاق على الميثاق وخارطة الطريق .
فجر التحول
عضو المبادرة، إلياس فتح الرحمن، لفت إلى مشاركة عدد من مديري الجامعات السودانية في المبادرة، مثل جامعة الخرطوم، الجزيرة، السودان للتقانة، جامعة مروي ونيالا، والدلنج، الأحفاد، كلية الخرطوم التطبيقية وجامعة بحري، وغيرها .
فتح الرحمن أوضح أن المبادرة تستهدف كل قوى الثورة ممثلة في لجان المقاومة، وتجمع المهنيين ومنظمات المجتمع المدني، والقوى السياسية الداعمة للحراك الثوري، بغرض جمع شتات الصف الوطني، ولتيسير الوصول إلى إشراق فجر التحول الديمقراطي ، وقال لا مناص من بلوغه، وهو صمام أمان مدنية الدولة، مشيراً إلى أن الرؤية تتمثل في استعادة الطريق الذي تم النيل من استقامته عمداً بعد انقلاب 25 أكتوبر، موضحاً أن المبادرة رسالتها هي تمكين قوى الثورة من تحقيق التوافق.
وثيقة موحدة
مدير جامعة الجزيرة، الناطق باسم المبادرة، بروفسير محمد طه، أشار إلى أنه تم الجلوس مع أصحاب المبادرات، ودار نقاش حول كيفية إنفاذ المبادرات بشكل عملي على أرض الواقع، والإجماع حول وثيقة موحدة، لافتاً إلى أنه تم الاتصال مع الأحزاب السياسية ولجان المقاومة والتنسيقيات لمناقشة المخرج من الأزمة السياسية، بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني، وقال إن هذا العمل تجاوز الـ(100) يوم للوصول إلى أرضية تمكنهم من العبور، وقال هناك عمل كبير قد تم، يتمثل في قبول منظمات المجتمع المدني لهذه المبادرة، وكذلك لجان المقاومة داخل وخارج الخرطوم، مشيراً إلى أنها أبهرت الجميع بالفهم الثوري والسياسي والاقتصادي، وخروجها بمواثيق متقدمة على القوى السياسية، داعياً إلى خروجها بميثاق موحدة، وتنخرط مع مبادرة مديري الجامعات، ومنظمات المجتمع المدني، والقوى السياسية، والشخصيات الوطنية في اجتماع قادم .
وقال إن التجهيز للمؤتمر التفاكري الجامع ستتم فيه الاستفادة من تلخيص المبادرات المختلفة، مشيراً إلى انه بعد أن تمت دراسة المبادرات المطروحة، تلاحظ وجود بين (8-10) من البنود التي يمكن النظر إليها بشكل أحادي، مشيراً إلى أن بند الترتيبات الأمنية، إصلاح حال الخدمة المدنية، الجوانب الاقتصادية، والسلام، كلها يمكن أن تكون بنداً واحداً، لافتاً إلى أنه سيتم إدارة المؤتمر التفاكري، وفق هذه البنود، وقال إن المشاركين لديهم الحق بالخروج بتوصيات، ومن ثم جمعها وصياغتها .
ورقة ضغط
منذ انقلاب 25 أكتوبر والساحة السياسية تعج بالمبادرات، إلا أنها لم تمضِ إلى الأمام؛ لأن القوى الفاعلة في الساحة، ترى أنه يجب أن تؤخذ مبادرتها فقط باعتبار أنها الأشمل، وغطت على جميع الجوانب ، وفي نهاية الأمر ظلت تلك المبادرات حبراً على ورق، لكن مبادرة مديري الجامعات السودانية تعتمد على الأسسس العلمية في تحديد المشاكل والحلول بدقة متناهية، ويصنف كثير منهم بارتداء ثوب الوطنية وغير محزبين، بالتالي فرص نجاح مبادرتهم أكبر، لكن البعض يرى غير ذلك .
الخبير الصحفي، محمد عبد السيد، أشار، في تصريح لـ(السوداني)، إلى أن القوى السياسية لا تمانع من قبول المبادرات، خاصة إذا كانت تؤدي إلى التحول الديمقراطي، فالأحزاب السياسية بطبيعتها مرنة، ترى ما بداخل المبادرات، وتتحرك على أساسه، لكن لجان المقاومة سقفها عالٍ جداً، وهذا ليس عيباً، فهم في الشارع يقدمون التضحيات .
وأشار إلى أن المشكلة في جمع الأطراف المختلفة، لكن الوضع الاقتصادي الآن يحتم على المجموعات الفاعلة مدنية وعسكرية الاستماع إلى صوت العقل، وعليها ألا تعتبر أن أي مبادرة خصم عليها، مشيراً إلى أن أي مجموعة قادرة على تقديم قليل من التنازلات لنشل السودان .
عبد السيد قال إن أساتذة الجامعات، وهم الكتلة الأكبر، ولم يستطيعوا أن يوفقوا بين القوى السياسية، بالتالي مديري الجامعات لا يستطيعون تنفيذ الأمر، لأن ليس لديهم ورقة ضغط على المجموعات الفاعلة في الشارع السوداني، وأضاف: “ستلحق هذه المبادرة بالمبادرات الأخرى، وتساءل: “ما هي التطورات التي حدثت في الساحة السياسية، وتجعل مبادرة مديري الجامعات مقبولة؟” .
هناك خلاف
محللون سياسيون يعتبرون أن اختلاف القوى السياسية أمر طيب، وأن الأحزاب لديها مرجعيات وآيديولوجيات، ولا يمكن أن تتفق، لكن يمكن أن تتوافق على الحد الأدنى من البرنامج الوطني لإنقاذ البلاد من أزمتها السياسية، موضحين أنه لا مجال لعمل الأحزاب، بالتالي عليها قبول المبادرات الوطنية ، والجلوس على مائدة حوار، لوضع حد للأزمة السياسية، مشيرين إلى أن الوضع ازداد سوءاً، وعدم وجود حكومة له آثار سالبة على البلاد داخلياً وخارجياً.
القيادي بالحرية والتغيير مجموعة القوى الوطنية، د.حيدر الصافي، قال، في تصريح لـ(السوداني)، إن مديري الجامعات يقومون بمجهود مقدر، وربما يساهم مساهمة إيجابية في حل الأزمة السياسية، لكن الحل النهائي ليس في المبادرات التي تم جمعها وتحليلها، وإنما في بناء الثقة بين المكونات السياسية والمجتمعية المختلفة، وكل من يريد أن يقود هذا الحراك، وتساءل عن ماهي الأحزاب والمكونات المدنية التي يمكن أن تتوافق على مبادرة مديري الجامعات؟، ورد قائلاً: “علي المستوى النظري هناك إخراج جيد، ولكن علي المستوى العملي هناك خلاف حول أن معظم القوى السياسية والمدنية لا تتوافق على منصة بعينها، وقال هنا يكمن الخلاف الذي ربما لا يجعل للمبادرة طريقاً يحقق التوافق الوطني .