Connect with us

اخبار السودان

من بوابة الحرب الإنسانية إلى التدخل السياسي.. الدور البريطاني في الأزمة السودانية

نشرت

في


منذ الحقبة الاستعمارية وحتى يومنا هذا، ظلّت العلاقة بين بريطانيا والسودان محكومة بمصالح متشابكة وتدخلات مباشرة وغير مباشرة، تُعيد إلى الأذهان ملامح النفوذ القديم بوجوه جديدة. فبينما يشهد السودان واحدة من أكثر الأزمات تعقيدًا في تاريخه الحديث، تصاعدت الأصوات الغربية، وعلى رأسها بريطانيا، مطالبة بوقف إطلاق النار، واحترام اتفاقيات إنسانية، وداعية إلى تدخلات دولية باسم “حماية المدنيين”. غير أن هذه الدعوات، التي تبدو في ظاهرها إنسانية، تُثير الكثير من التساؤلات حول دوافعها الحقيقية، وتطرح علامات استفهام بشأن مدى حياد لندن في الصراع الدائر، لا سيما في ظل تحركاتها النشطة في مجلس الأمن، وضغطها المتكرر لتمرير قرارات قد تمهد لتدويل الأزمة السودانية.

التحركات البريطانية ومسار تدويل الأزمة السودانية

وفي هذا السياق، أكد الكاتب الصحفي الهندي عزالدين أن مشروع القرار البريطاني، الذي طُرح قبل أكثر من نصف عام، لم يكن بريئًا في نواياه، بل كان يستهدف فرض وقف فوري لإطلاق النار دون ضمان التزام مليشيا الدعم السريع بتنفيذ تعهداتها المنصوص عليها في اتفاق جدة الموقع في مايو 2023، ما يعني فعليًا منحها فرصة لإعادة التموضع والتمدد على الأرض، تحت غطاء “الهدنة الإنسانية”.

ورغم مرور عدة أشهر على ذلك التحرك البريطاني، إلا أن تداعياته ما تزال حاضرة في المشهد السياسي، حيث يُنظر إليه كمحاولة مبكرة لتدويل الأزمة السودانية، وفرض مسار سياسي خارجي يتجاوز الإرادة الوطنية. كما اعتبره مراقبون مؤشّرًا واضحًا على وجود نية غربية لإعادة تشكيل موازين القوى في الداخل السوداني، بطريقة قد تُضعف سيادة الدولة وتمهّد الطريق لتدخلات أكثر مباشرة لاحقًا.

يُظهر هذا الموقف جزءًا من الانقسام الدولي حيال الوضع في السودان، حيث يُنظر إلى التحركات البريطانية من قبل العديد من المراقبين بوصفها امتدادًا لاستراتيجية التدخل السياسي غير المباشر، والتي غالبًا ما تتم عبر بوابات “المساعدات الإنسانية”، و”قرارات مجلس الأمن”، و”الدبلوماسية متعددة الأطراف”.

ويبدو أن الهدف الأعمق لهذه التحركات لا يقتصر على إيقاف الحرب، بل قد يمتد إلى إعادة صياغة موازين القوى داخل السودان بما يخدم مصالح الدول الغربية في الإقليم، خصوصًا مع ازدياد التنافس الجيوسياسي في منطقة القرن الإفريقي.

أداة النفوذ الإنجليزي في المنطقة
من بين أدوات النفوذ التي بدأت تبرز في الساحة السودانية، تبرز أوكرانيا كلاعب جديد يتقاطع حضوره مع الأجندات الغربية، لا سيما البريطانية والفرنسية. فرغم بُعد المسافة جغرافيًا، إلا أن كييف باتت جزءًا فعليًا من معادلة النفوذ داخل السودان، ويُنظر إلى تحركاتها على أنها امتداد غير مباشر لسياسات لندن وباريس، خاصة في ظل محاولاتهما للاندماج ضمن مناطق سيطرة الجيش السوداني.

وفي هذا السياق، بدأت كييف التفاوض لافتتاح سفارة لها في بورتسودان، وهو الإعلان الذي أثار عاصفة من الانتقادات داخل الأوساط السياسية والإعلامية السودانية، وسط تحذيرات من أن تكون هذه السفارة غطاءً لنشاطات استخباراتية أو تدخلات مباشرة في الشأن السوداني.

الشرارة التي فجّرت الجدل جاءت من تصريحات المحلل الأميركي كاميرون هدسون، الذي أكد أن “السفارة الأوكرانية ستُدشن في نهاية هذا العام، وستكون الوحيدة من بين السفارات الغربية في السودان”، مشيرًا إلى تحول في نمط النفوذ الغربي نحو ما سماه بـ”النموذج الأوكراني”. وقد فُسر هذا التصريح في الخرطوم بأنه استفزاز سياسي، خاصة في ظل اتهامات سابقة لأوكرانيا بالتعاون العسكري مع قوات الدعم السريع، التي تخوض مواجهة دامية ضد الجيش السوداني.

وتعززت هذه الشكوك بعد سلسلة من التقارير الإعلامية التي كشفت أن خبراء عسكريين ومقاتلين أوكرانيين يشاركون فعليًا في القتال إلى جانب قوات الدعم السريع، وإن بصورة غير رسمية.
وصرّح الممثل الخاص لأوكرانيا في الشرق الأوسط وأفريقيا، مكسيم صبح، في مقابلة صحفية، بأن “بعض المواطنين الأوكرانيين يشاركون في الصراع بشكل فردي، ومعظمهم متخصصون تقنيون”، في إشارة إلى استخدام تقنيات متقدمة في المعركة.
ومن جهته، أكد العميد محمد السر، أن الطائرات المسيّرة التي استخدمتها ميليشيا الدعم السريع في مهاجمة بورتسودان وعطبرة والفاشر، كانت من طراز UJ-26 Beaver، وهي طائرات مسيرة أوكرانية الصنع.
ويأتي كل ذلك في سياق أوسع يعكس تنسيقًا أمنيًا واستخباراتيًا أوكرانيًا في إفريقيا، لا يقتصر على السودان فحسب. فقد أفادت وكالات أنباء أن أوكرانيا قامت بتدريب قوات خاصة موريتانية وسط توترات إقليمية مع مالي، ما دفع كلًا من مالي والنيجر إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع كييف في أغسطس الماضي، متهمين إياها بدعم جماعات إرهابية مسلحة. بل إن المتحدث باسم الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، أندريه يوسوف، أقر بمسؤولية بلاده عن هجوم دموي أسفر عن مقتل جنود ماليين ومدنيين، ما يضع الدور الأوكراني في المنطقة كلها تحت مجهر الشك والاتهام.
وبعد توجيه أصابع الاتهام للسفارات الأوكرانية بدعم الإرهاب، كانت أول جهة سارعت للدفاع عن أوكرانيا هي “رويترز” البريطانية، مما يعزز الفكرة القائلة بأن الحضور الأوكراني في إفريقيا لا ينفصل عن شبكة الدعم الغربي الممنهج.
فقد ورد في تقرير لـ”رويترز” أن مسؤولين في السفارة ووكالات الإغاثة أفادوا بأن سفارة كييف الجديدة في العاصمة نواكشوط – وهي من بين ثماني سفارات افتتحتها في إفريقيا منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية – أشرفت على توصيل المساعدات الغذائية للاجئين من مالي المجاورة.



أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك لنا تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اخبار السودان

ميليشيا الدعم السريع تعتقل الصحفي معمر إبراهيم في الفاشر

نشرت

في

أخبار | السودان الحرة

متابعات – السوداني  

اعتقلت ميليشيا الدعم السريع ليل أمس الصحفي معمر إبراهيم أثناء مغادرته مدينة الفاشر. وحمل العديد من الصحفيين الميليشيا وذراعها السياسي (تأسيس) المسؤولية الكاملة عن سلامة الزميل معمر إبراهيم، الذي كان يؤدي دوره المهني في نقل الحقيقة. 

ووجه الصحفيون نداءً إلى منظمات حقوق الإنسان، والأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والولايات المتحدة الأمريكية، حيث يوجد وفد التفاوض التابع للميليشيا، وكذلك مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مسعد بولوس، بنداء لضمان سلامة الصحفي معمر واطلاق سراحه، ودعوا إلى الضغط واتخاذ كافة التدابير اللازمة لحماية جميع الصحفيين وتأمين حرية الصحافة، مؤكدين أن الصحافة ليست جريمة.

وكان الصحفي معمر إبراهيم يمارس عمله الصحفي بمهنية ومسؤولية، موثقاً الأوضاع الكارثية التي يعاني منها سكان الفاشر نتيجة الحصار، من موت وجوع وعطش.

أكمل القراءة

اخبار السودان

خطط جديدة في إثيوبيا – السودان الحرة

نشرت

في

أخبار | السودان الحرة

وكالات: السودان الحرة

وفق ما أشارت.

أعلنت وزارة المياه والطاقة في إثيوبيا، عن توقيع اتفاقًا مع منظمة “سويس” الدولية لإجراء دراسة تهدف إلى تحويل مياه الفيضانات إلى مصدر إنتاج يخدم الزراعة والطاقة.

وأفادت الوزارة بحسب تعميم، أنّه سيتمّ التركيز على مناطق في الجنوب هي الأكثر تضرّرًا من الفيضانات الموسمية.

أكمل القراءة

اخبار السودان

شملت فقدان حق إدارة المجال الجوي لجنوب السودان وتعديل نسب رسوم العبور.. تقرير استقصائي لـ(السوداني) يكشف مخالفات خطيرة للمدير السابق للطيران المدني

نشرت

في

أخبار | السودان الحرة

السوداني – خاص

أكدت وثائق رسمية حصلت عليها صحيفة (السوداني)، شملت تقارير من ديوان المراجع العام ولجنة تحقيق مشكلة بمجلس الوزراء بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 135 لسنة 2024 ومستندات أخرى، في تحقيق استقصائي حول أوضاع هيئة الطيران المدني السودانية.

أظهرت الوثائق، وجود مخالفات كبيرة وخطيرة ارتكبها المدير العام السابق للهيئة، حسين نايل، منها توقيع اتفاقات بصورة منفردة ودون موافقات من مجلس الوزراء ووزارتي المالية والعدل مع دولة جنوب السودان، مما أدى – بحسب خلاصة لجنة التحقيق الوزارية – إلى فقدان السودان حق منح أذونات العبور للطائرات فوق جنوب السودان، علماً بأن هذا الحق كان يتم بواسطة سلطة الطيران المدني السودانية بعد موافقة الجهات الأمنية والعسكرية، الأمر الذي سمح للطائرات المسلحة بالعبور إلى تشاد دون إذن السودان لمدة عامين سابقين.

أكدت لجنة التحقيق وتقرير المراجع القومي، حسب التقرير الاستقصائي الذي ستنشره (السوداني) لاحقاً، أن المدير العام السابق لسلطة الطيران المدني، الذي يواجه إجراءات قانونية بناءً على ذلك التحقيق، أبرم اتفاقات لتعديل نسب عائدات رسوم العبور الجوي.
وبحسب ما حصلت عليه (السوداني)، تورط المدير العام السابق في إجراءات تقضي بخصم مبلغ مئة ألف دولار شهرياً من إيرادات السودان المحصلة عبر شركة مقرها دولة الإمارات العربية المتحدة دون إجراء صحيح أو موافقات رسمية من وزارة المالية، رغم أن هذه المبالغ ضمن رسوم العبور المستحقة للسودان.
كما شملت المخالفات جوانب مالية تتعلق بتراخيص شركات طيران وطيارين دون توريد العوائد لخزينة الهيئة، وهو ما أثبته تقرير المراجع العام الذي أوصى بإحالة الملف إلى النائب العام.

أكمل القراءة

ترنديج