Connect with us

اخبار السودان

علماء السودان يتقدمون بمبادرة لوقف الحرب – السودان الحرة

نشرت

في


لا يمكن حسم حرب السودان عسكريا، ولن يخرج منها أي طرف منتصرا، ولكن قطعا سيكون الخاسر الوحيد هو السودان وشعبه. وكل صباح جديد في يوميات هذه الحرب الخبيثة يحمل مزيدا من الجراح والآلام لشعبنا ويعمقها، وحمل مزيدا من التدمير لبنية الوطن المهترئة أصلا. هذه الحرب يجب أن تتوقف اليوم قبل الغد، ولكنه هدف لن يتحقق إلا بإرادة قوية تستند على قناعة راسحة بأن الاقتتال لا يمكن أن تكون بديلا للحوار والتفاوض لحل الخلافات والأزمات السياسية والإجتماعية في السودان مهما بلغت هذه الأزمات من الحدة والتعقيد. وتحقيق هذا الهدف يتطلب تبني القوى المدنية والسياسية السودانية لرؤية تتمثل في حزمة واحدة ثلاثية الأبعاد التي تتكامل مع بعضها البعض، وتشمل: وقف الاقتتال، مضاعفة المساعدات الإنسانية العاجلة وحماية المدنيين، وإطلاق عملية سياسية حديدة. أما صناعة جوهر هذه الرؤية، ومن وجة نظرنا كما أشرنا وكررنا في عدة كتابات سابقة، فتتلخص في مجموع الإجابات على ما أسميناه بالأسئلة الصعبة المتعلقة بحرب السودان، وأبرزها وفي مقدمتها، السؤال المتعلق بماهية الخيارات المتاحة حول مستقبل ودور قيادة القوات المسلحة في السودان بعد انتهاء الصراع؟ والسؤال المتعلق بماهية الخيارات حول مستقبل قوات الدعم السريع ومستقبل الحركات والميليشيات المسلحة الأخرى، المستقبل القائم على أساس مبدأ بناء الجيش المهني الواحد في البلاد؟ والسؤال المتعلق بكيفية تطوير إطار للعدالة والعدالة الانتقالية يضمن إنصاف الضحايا وعدم الإفلات من العقاب؟ والسؤال المتعلق بكيفية التعامل مع البعد الخارجي، إقليميا ودوليا، في هذه الحرب؟ وأخيرا السؤال حول ماهية تفاصيل العملية السياسية من حيث أجندتها وأطرافها والنتائج المتوقعة أو المرجوة؟
وعملية صياغة الرؤية لوقف الحرب ليست فرض كفاية تقوم به القوى السياسية وحدها بينما ينتظر الآخرون ما ستفسر عنه الأحداث. بل المساهمة في صياغتها لهو واجب على كل المجموعات الرافضة للحرب، حتى وأن كانت لا صلة لها بالعمل السياسي. وفي هذا السياق لم يتأخر خبراء وعلماء السودان، بل تنادت مجموعة منهم من مختلف التخصصات: أساتذة جامعات، مستشارين، باحثين، وخبراء في مجالات الإعلام والحوكمة والبيئة والاقتصاد والعلوم السياسية… وغيرها من المجالات. أما القاسم المشترك الأعظم بين هذه الكوكبة من علماء السودان، بالإضافة إلى حب الوطن وإختراق الأفق المسدود، فهو الاستقلالية وعدم الانتماء الحزبي. تباحثوا وتحاوروا ثم توافقوا بتاريخ 25 مايو/أيار 2025 على صياغة مبادرة موجهة إلى القوات المسلحة السودانية، وقوات الدعم السريع، والقوى السياسية، وقوى الثورة، ومنظمات المجتمع المدني، إضافة إلى المجتمع الدولي والإقليمي بمكوناتهما المختفة.

مجموعة خبراء وعلماء السودان ترى أن استقرار الدولة واستمرار عملية الانتقال السلمي لا يمكن أن يتأتى إلا عبر التنازل المتبادل بين الأطراف المتحاربة، والاتفاق على تشكيل حكومة تكنوقراط انتقالية من كفاءات مستقلة، وذلك وفق تصور أعدته المجموعة حول كيفية تشكيل هذه الحكومة ومعايير الاختيار، وأن يكون في قمة أولويات الحكومة تعزيز وحدة الشعب وتحقيق المصالحة الوطنية تحت شعار «سودان واحد لكل السودانيين» رد المظالم والتعويض وجبر الضرر في سياق العدالة الانتقالية التي تملك مجموعة العلماء تصورا محدداً لها ضمن خارطة طريق شاملة تتضمن تنفيذ برنامج اقتصادي إسعافي، وبرنامج لمعالجة آثار الحرب وإعادة الإعمار، كما تتضمن أيضا تصورا واضحا لاستراتيجية شاملة بعيدة المدى حول إعادة بناء الدولة السودانية على أسس سليمة متوافق عليها. وتقترح المجموعة الاستفادة من التجارب الأفريقية الناجحة ذات الأزمات المشابهة، مثل التجربة الرواندية التي تعتبر من أنجح التجارب من ناحية المصالحة وإعادة الثقة بين مكونات المجتمع الرواندي بعد المذابح العنصرية الدموية. وتجربة جنوب أفريقيا التي حققت استعادة التماسك الاجتماعي وتغلبت على مرارات الإبادة الجماعية والتمييز العنصري الممنهج.
ولتنفيذ بنود المبادرة، تقترح مجموعة خبراء وعلماء السودان تشكيل لجنة «الحكماء للوساطة الوطنية» مدعومة بالخبراء والعلماء والإدارات الأهلية ومسنودة بخارطة الطريق الشاملة التي أعدتها المجموعة. كما تقترح تنفيذها على أربع مراحل يتم تطبيقها بالتوازي: المرحلة الأولى، وقف إطلاق النار فورا لحقن دماء السودانيين، تمهيدا لإنهاء كل تداعيات الحرب، وذلك وفق تفاصيل أوردتها المجموعة في خارطة الطريق. المرحلة الثانية، توصيل المساعدات الإنسانية، وفتح الممرات الآمنة للإغاثة وحماية المدنيين برقابة دولية واقليمية، مع توفير ضمانات دولية، واستقطاب منظمات العمل المدني والطوعي، والمنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان وبرنامج الغذاء العالمي وغيرها. المرحلة الثالثة، تحويل مسارات الصراع نحو آليات سلمية عبر برامج طوعية لتسليم الأسلحة على أن يكون السلاح حصرياً في يد القوات النظامية مع سيادة حكم القانون. والمرحلة الرابعة، تشكيل حكومة تكنوقراط من كفاءات مستقلة.
وتأسيسا على ذلك، دعت مجموعة خبراء وعلماء السودان إلى وقف الأعمال العدائية فورا ومنح الفرصة لصوت العقل والحكمة والاستماع لأطروحة الخبراء والعلماء وحكماء البلد ليكون الحل وطنيا خالصا مسنودا بقيم التسامح والتعافي، ومستصحبة الآليات التقليدية والأعراف المحلية، تمهيداً للحوار السوداني السوداني. وشددت المجموعة على أن المسؤولية الأخلاقية والوطنية هي دافعها الوحيد لطرح مبادرتها هذه، بعيدا عن أي انتماء سياسي أو آيديولوجي أو تأثير حزبي، وبهدف حقن دماء السودانيين جميعا، عسكريين ومدنيين، إثر التصعيد الممنهج للقتال، وبهدف إنقاذ الدولة من التدهور الشامل والمتسارع، ووضع لبنة في طريق إرساء سلام مستدام واستقرار سياسي يمهد لبناء دولة متماسكة متقدمة وناهضة. وإضافة إلى الخسائر البشرية الكبيرة والنزوح الواسع، وتراجع قدرات مؤسسات الدولة، وإضعاف البنى الأساسية، أكدت المجموعة على ضرورة الأخذ في الاعتبار المخاطر الكبيرة الأخرى التي أفرزتها هذه الحرب، وفي مقدمتها الاستقطاب الإثني والجهوي الحاد والذي أدى إلى انقسامات مجتمعية عميقة مصحوبة بتصاعد خطاب الكراهية، مما أحدث جرحاً نازفاً في جسد المجتمع الذي تهتك نسيجه وسوف يزداد الأمر سوءا كلما طال أمد هذه الحرب المجرمة.


أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك لنا تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اخبار السودان

الخرطوم: دفن 90% من الجثث التي خلفتها الحرب بالعراء

نشرت

في


الخرطوم: السوداني

أعلنت الطب العدلي ولاية الخرطوم عن إزالة نحو 90% من الجثث التي خلفتها الحرب في العراء.
وأجازت وزارة الصحة ولاية الخرطوم الخطة العاجلة للحملة الكبرى لنبش ونقل الجثث على مستوى المحليات السبع بولاية الخرطوم لمنع وقوع أي آثار صحية أو بيئية وللمساهمة في العودة الطوعية تنفيذاً لتوجيهات والي ولاية الخرطوم أحمد عثمان حمزة، وناشدت المواطنين بالتبليغ الفوري عن أماكن تواجد الجثث والمقابر الجماعية بأي منطقة بولاية الخرطوم.

وانعقد اليوم بمقر وزارة الصحة ولاية الخرطوم والذي ترأسه د. أحمد البشير فضل الله مدير عام وزارة الصحة ولاية الخرطوم المناوب لمناقشة تفاصيل تنفيذ الخطة بواسطة هيئة الطب العدلي بالوزارة وبالتعاون مع الدفاع المدني وجمعية الهلال الأحمر السوداني والنظام الصحي بالمحليات، ووجه الاجتماع بتصنيف حالات نقل الجثث على أن يتم استهداف الجثث الموجودة في العراء وفي مجاري المياه والجثث المدفونة دفنا سطحيا والمقابر الجماعية كمرحلة أولية وعاجلة، على أن يتم دفنها في المقابر المخصصة لدفن الموتى ومن ثم في المرحلة اللاحقة يتم نقل الجثامين المدفونة دفنا شرعيا ولكنها دفنت اضطرارياَ في الميادين بالأحياء والمدارس والجوامع والمنازل.

كما أمّـن الاجتماع الذي تم بحضور دكتور هشام زين العابدين رئيس هيئة الطب العدلي ولاية الخرطوم وممثل والي ولاية الخرطوم الأستاذ محمود حسن، على أن يتم العمل بواسطة (5) فرق عمل وبحضور وكيل النيابة الأعلى بكل محلية لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وحدد الاجتماع رقم الهاتف (0123632205) لتبليغ عبر تطبيق الواتس عن تواجد أي جثة في العراء أو مدفونة على السطح بعد أن يحدد المتصل هويته ويحدد المكان.



أكمل القراءة

اخبار السودان

كامل إدريس يعيِّن (5) وزراء في حكومة الأمل.. والإعيسر يعود إلى الإعلام

نشرت

في


بورتسودان: السوداني

أصدر رئيس الوزراء د. كامل إدريس، اليوم، قراراً بتعيين خمسة وزراء جُـدد ضمن تشكيلة حكومة الأمل.
وتضمن القرار تعيين كل من:
*البروفيسور أحمد التجاني عبد الرحيم المنصوري وزيراً للثروة الحيوانية والسمكية.
*خالد إسماعيل أحمد علي الإعيسر وزيراً للثقافة والإعلام والسياحة.
*نور الدائم محمد أحمد طه وزيراً للمعادن.
*معتصم أحمد صالح آدم وزيراً للموارد البشرية والرعاية الاجتماعية.
*سيف النصر التجاني هارون جابر وزيراً للبنية التحتية والنقل.

وأكّـد رئيس الوزراء أنّ هذه التعيينات جاءت عقب دراسة دقيقة للكفاءات والخبرات الوطنية.
يُذكر أنّ عدد الوزراء الذين تم تعيينهم حتى الآن بلغ خمسة عشر وزيراً.



أكمل القراءة

اخبار السودان

من أين تبدأ حكومة كامل إدريس؟

نشرت

في


لم تُشكّل بعد حكومة كامل إدريس، ولكنها – إن تشكّلت – ستجد نفسها في مواجهة جدار عالٍ من التوقعات المتناقضة، وميدان ملغوم بميراث ثقيل من الأزمات والفوضى، ونافذة ضيقة للإنجاز الفعلي. لهذا، يصبح من الضروري منذ الآن التفكير بوضوح في شكل الأولويات لا في كمّها، وترتيب المهام لا تراكمها.
لم يكتمل بعد تشكيل حكومة الدكتور كامل إدريس، لكنّ قبل أن ترى النور، أرخت الظلال الكثيفة سدولها من الأزمات التي تخيّم على البلاد، وتُنبئ بأن هذه الحكومة ـ إن تمكنت من الصمود والوقوف على قدميها ـ فإنها لن تجد وقتًا كافيًا للتعريف بنفسها أو اختبار ردود الفعل. وستدخل مُباشرةً في سباق مرهق مع الوقت، مهددةً بالانهيار من كل اتجاه، ومطوّقة بطبقة سياسية منهكة، وأزمات مركبة تشبه الخنادق أكثر مما تشبه الملفات.

في هذا الوضع الملتهب والمتشظي، لا يصلح أن تبدأ الحكومة من سطح الأشياء أو تنشغل برفع المعنويات، أو الظهور الإعلامي. الأولوية الكبرى هنا هي منع السقوط الكامل، ولا مكان للتجميل. السودان لا يواجه “تحديات ما بعد الحرب”، بل يعيش الآن في قلبها، والخط الفاصل بين البقاء والفناء يذوب سريعًا.

ولهذا، فإنّ ترتيب الأولويات لا يكون ترفًا نظريًا، بل ضرورة وجودية، تبدأ من لحظة التشكيل، لا من بعد اكتمال الصفوف.

لا يجوز لحكومة يفترض أنّها انتقالية أن تُولد غامضة أو فضفاضة، ولا أن تخاطب شعبًا محاصرًا بالموت والأزمات والمجاعة دون أن تحدد له ـ منذ اليوم الأول ـ ما الذي جاءت لأجله، وإلى متى ستبقى. ثم ما هو طريقها لإنجاز مهامها.

لهذا، فإنّ أول ما ينبغي على حكومة الدكتور كامل إدريس فعله هو تقديم خطاب رسمي واضح يعلن فيه الأهداف الأساسية للحكومة، والفترة الزمنية المخصصة لإنجازها، بتواريخ محددة ودقيقة مع الالتزام التام بها أمام الشعب وجعلها غير قابلة للتأجيل.

فى تقديرنا أن أي حديث عن “المرحلة” أو “العبور” بمعناها الفضفاض، يكون حديثاً غير مناسب فى هذه المرحلة، ولا بد أن يحل محله برنامج زمني رصين مُعد بمهنية وبمهام محددة، ونقطة نهاية واضحة.

بعد ذلك مباشرةً، يُفترض أن تُعلن الحكومة برنامجًا شاملًا يُحدد الأولويات الاستراتيجية للفترة الانتقالية كلها، وآليات اتخاذ القرار، وخريطة التنفيذ، والأجسام الرقابية التي تضمن الشفافية والمُساءلة.

وأن تُكلّف كل وزارة، فور تعيينها، بتكوين (لجان متخصصة مستقلة) لكل ملف من ملفاتها، على أن تُنتقى هذه اللجان من كفاءات غير حزبية، قادرة على تشخيص الأزمة ووضع حلول عملية بعيدًا عن عقلية المكافآت والمحاصصة.

أما الأولويات الحرجة التي لا تحتمل تأخيرًا، فهما ملفان مترابطان:
عودة النازحين، ووقف الحرب، وإنهائها.

أولاً، عودة النازحين لا تتم بالنيات الحسنة، ولا بالتسرُّع غير المدروس، ولا بتركهم يزحفون إلى مدن منهارة مدمرة، ليواجهوا المجهول.
فما يحدث الآن هو عودة عشوائية خطيرة، تُهدد بخلق نزاعات اجتماعية وأمنية جديد فوق ركام الحرب.

يجب أن تتدخّل حكومة الدكتور كامل إدريس وتستبق ذلك بكل مسؤولية وتقوم – بصورة عاجلة، ورؤية واضحة– بتكوين لجان متخصصة في إعادة الإعمار، والتخطيط، والدعم النفسي، هذا من ناحية، ومن الناحية الأخرى تُركِّز على كيفية التمويل واستدعاء الدعم الدولي لإعادة الإعمار. ثم وتوجيه جهود لجان الأحياء ومبادرات المجتمع المدني، مع ضبط الأداء الحكومي وتحديد المسؤوليات، وإصدار القرارات مع سرعة الإنجاز وحُسن المتابعة.

ثانيًا، ملف وقف الحرب وإنهائها، ولهذا الملف محوران يسيران بالتوازي:
أولهما، إنهاء الحرب عبر التفاوض.
وثانيهما، معالجة جذور المشكلة داخلياً، لأن هذا المحور لا ينفصل عن قضية الحكم واقتسام السلطة والثروة.

ولمُعالجة هذا الملف الأكثر تعقيداً، ولتناوله بطريقة سلسة، فإنّنا نرى أن تبدأ الحكومة ـ فورًا ـ بإعلان السودان دولة فيدرالية، ومباشرة التطبيق العملي للحكم الفيدرالي، بمراجعة قوانينه وإقرارها، لا مجرد وعد بها.
ويكون ذلك عبر لجان متخصصة مستقلة تضم كفاءات سودانية مستقلة وخبرات أجنبية محايدة، تضع الخطط اللازمة لتقنين الوضع الفيدرالي، والجداول العملية لتنظيم انتخابات ولائية تبدأ بتعداد سكاني دقيق، وتنتهي بحكومات ولائية فعلية، تُنتدب منها لاحقًا 3 ممثلين عن كل ولاية لتشكيل المجلس التشريعي القومي في المركز.
هذا الطرح يخاطب جذور المشكلة، وينفي مزاعم التهميش وتحكم الولايات فى ثرواتها حسب القانون الفيدرالي ويؤدي بسلاسة إلى بناء الثقة وتحويل الجماعات المسلحة إلى الانخراط فى العمل السياسي وإلقاء السلاح، ومن ثم بناء جيش وطني موحد.

وفي المسار العسكري، لا يمكن أن تستمر الحرب إلى ما لا نهاية تحت ذريعة التفاوض مع المليشيا.
فالواقع ـ رغم تعقيداته ـ يؤكد حقيقة مركزية لا يجوز القفز فوقها:
الجيش السوداني، رغم كل ما يُثار حوله، يبقى هو المؤسسة الرسمية، ولا يجوز بأيِّ حال من الأحوال وضعه على طاولة تفاوض واحدة مع جماعة مسلحة تمردت عليه (مهما قيل من الحجج)، ولا يمكن مساواته بها من حيث المشروعية.
وفى تقديرنا أن الدعوات للتفاوض مع المليشيا تعني فى حقيقتها أن تقف الحرب لتبدأ من جديد، وهذا يعني ضمنًا استمرار الحرب إلى ما لا نهاية ما دامت المليشيا تحتفظ سلاحها وتتمتع بالدعم الخارجي.

لهذا، فإنّ الطريق الأكثر واقعيةً لوقف الحرب هو فتح قنوات التفاوض المباشر مع داعمي هذه المليشيا: الولايات المتحدة الأمريكية، ودولة الإمارات العربية المتحدة.
تُقدّم الحكومة عرضًا شجاعًا لتأمين مصالحهم المشروعة، وتشجيعهم على الاستثمار في السودان ما بعد الحرب، مقابل وقف دعم التمرد (والمساهمة فى تفكيكه) وضمان وحدة البلاد، وعدم المساس بسيادتها.

وحتى تكتمل المعادلة وبناء الثقة وتوحيد الجبهة الداخلية، لا بُـد من مخاطبة حزب المؤتمر الوطني مُباشرةً، دون التفاف أو شيطنة.
باعتباره رقماً فاعلاً في الساحة الاجتماعية والسياسية، لا يمكن شطبه أو تجاوزه.
تُدعوه الحكومة وتصل معه لاتفاق ملزم بعدم المنازعة خلال الفترة المحددة زمنيًا، وتؤكد في ذات الوقت عدم تمسُّكها بقرار حرمانه من العمل السياسي، عبر إصدار مرسوم من الحكومة يقضي بشرعية مزاولة الحزب لنشاطه السياسي، وأن المحاسبة ـ حين تحين ـ ستطال الأفراد الذين أفسدوا، لا الحزب كتنظيم.
ويُطلب من الحزب أن يسهم في تقديم الذين أفسدوا للعدالة طوعًا، حتى يُثبت جديته ويكسب شرعية أخلاقية جديدة.

ونحن إذ نتقدّم بهذه الرؤية من خلال هذا المقال الصحفي، فإنّنا نأمل أن تسهم في تثبيت أقدام الحكومة التي يجرى تشكيلها لتجاوز هذه البداية الحرجة.
وإذا كانت هذه هي نقطة البداية، فإنّ الطريق أمام الحكومة سيظل محفوفًا بتحديات أعقد، تتجاوز وقف الحرب إلى بناء السلام، وإصلاح الاقتصاد، وإعادة هيكلة الدولة ذاتها.
لكن ذلك حديثٌ آخر، نعود إليه لاحقًا، إن كُتب لهذه الحكومة أن تُصمد، وأن تبدأ من هنا.

محمد الحسن محمد نور



أكمل القراءة

ترنديج

Copyright © 2017 Sudan Hurra TV, powered by 0.