المصدر: مراسل “السودان الحرة” – نيويورك
تحرك أممي لمحاسبة الجناة وتعويض الضحايا
في خطوة تؤكد تصاعد القلق الدولي من تصاعد الانتهاكات في السودان، دعا مجلس الأمن الدولي إلى تخصيص تعويضات مالية فورية للمدنيين المتأثرين بالهجمات الكيميائية، التي نُسبت تقاريرها إلى الجيش السوداني، معتبرًا أن ما جرى يشكّل جريمة حرب وانتهاكًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي.
تقارير أممية توثق الانتهاكات
وخلال الجلسة التي عقدت في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، عرض المجلس تقييمًا صادرًا عن بعثات تحقيق أممية، أكد بشكل قاطع استخدام غاز الكلور ومركبات كيميائية محرّمة دوليًا خلال عمليات عسكرية في مناطق عدة بالسودان، خصوصًا في دارفور ومحيط العاصمة الخرطوم، خلال عامي 2024 و2025.
وأكد المجلس أن التعويضات ليست فقط ضرورة إنسانية، بل خطوة أساسية نحو تحقيق العدالة ومحاسبة مرتكبي الجرائم ضد المدنيين العزل.
مارتن غريفيثس: لا يكفي الإدانة، بل يجب دفع الثمن
وفي كلمته أمام الجلسة، شدّد مارتن غريفيثس، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية، على أن المنظمة الدولية لن تكتفي بإدانة الهجمات الكيميائية، بل تدعو إلى تنفيذ إجراءات ملموسة تشمل تعويض المتضررين ماديًا وصحيًا ونفسيًا.
وقال غريفيثس:
“الضحايا فقدوا أعزّاءهم، وصحتهم، وأماكن سكنهم… لا بد من رد اعتبار حقيقي يشمل تعويضًا مباشرًا، ورعاية صحية طويلة الأمد.”
منظمات أممية تبدأ إجراءات التعويض
وبالتنسيق مع مجلس الأمن، شرعت عدة منظمات دولية، بينها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، في إعداد قاعدة بيانات أولية للضحايا، تمهيدًا لتقديم مساعدات مالية وخدمات طبية ونفسية عاجلة.
وأفاد مسؤولون أمميون بأن الأولوية ستُعطى للناجين من الهجمات الذين يعانون من أمراض تنفسية حادة، وتشوهات جسدية، وأعراض نفسية مزمنة.
صندوق دولي لدعم السودان
أوصى أعضاء المجلس بإنشاء صندوق دولي خاص لتعويض ضحايا الأسلحة المحرّمة في السودان، يتم تمويله من مساهمات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني الدولية والمحلية.
وأكد المجلس ضرورة تسهيل وصول الفرق الإنسانية والطبية إلى المناطق المتضررة، خاصةً في دارفور والخرطوم، وضمان حماية العاملين في مجال الإغاثة.
توثيق أمريكي لاستخدام الأسلحة الكيميائية
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد نشرت تقارير موثقة في وقت سابق، أشارت إلى استخدام الجيش السوداني لغازات كيميائية خلال هجماته في دارفور، مشيرة إلى أن هذه العمليات قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.
ورغم نفي السلطات السودانية الرسمية لتلك الادعاءات، تتزايد شهادات الناجين وتقارير الفرق الطبية المحلية التي تؤكد أعراضًا متطابقة مع التعرض لغاز الكلور والمواد السامة.
ختام: ضوء خافت في نفق الأزمة السودانية
في ظل تفاقم الوضع الإنساني، تمثل دعوة مجلس الأمن بارقة أمل للآلاف من المدنيين الذين دفعوا الثمن الباهظ لصراع لا يرحم، وتُعد خطوة أولى نحو تحقيق العدالة وإنهاء إفلات الجناة من العقاب.
تبقى التحديات أمام التنفيذ كثيرة، لكن الأعين تترقب ما إذا كان المجتمع الدولي سيترجم هذه الكلمات إلى أفعال حقيقية… في السودان الذي لم يعد يحتمل المزيد من الألم.